حبيب بن مظاهر … تعجز العناوين
حين تخلد الاوطان رجالها الصم الصياخيد في مواقع الايثار والبطولة ، وعندما تتوج ابطالها باكاليل الغار والافتخار ، هو خزين الفخر لذاكرة ، فيتبؤوا المقام السامي في القلوب ، وتسرد الاوراق بايات من نور مثالب ومفاخر عظمائها . يقام الاحتفال ، ويزدان الحضور القا وابتهال ، يعظم هوشي منه ، ويخلد جيفارا وتبكى جان دارك ، وتحيا جميله بو حيرد ، وتشرئب الاعناق نحو الحلاج ، والاسماء اللامعة منقطعة النظير . كل هؤلاء في القرار الصواب واللحظة القرار والمصير الذي فيه الموت او الحياة في خيار ، ولكن كيف بمن ذاهبون الى الحتوف ؟ ، لا رجعة ولا أوبة او مناص ، هوذا الموت اقرب من رمشة عين . سبعون في متاهت عشرات الالوف ، لم تفصل بينهم المفاوز والجبال والصحراء ، امتار ليس ألا في حومة الموت والاوار.
القرار عند الاخر في جهة الطغاة العتاة الان وقد نشبت مخالبنا به ……. يرجو النجاة ولات حين مناص عند شيخ تجاوز الخامسة والسبعين ،وهو يدرك ان المخالب سيوف وحراب واسنة ، وانها نازلة كنيزك من كبد السماء ، ولكن من المنصور الى حيث يكون الحتف القادم عاجلا ؟ من المفدى ؟ انه ابا عبد الله ع . اذن فلما اتاه الموت في زي سائل … فجاد له بالروح طوعا اخو الندى حينما طلب الحسين ع من حبيب بن مظاهر روحه لتسمو في موقف العز والاباء ، لم يبخل هذا الاشم ان يقدم العزيزة فدى للموقف الابي للظيم ، لشرف الرجولة حين توضع بمعيار الشرف العالي …. اذا الجور مدً باعه ، واسفر الظلم عن قناعه ، ودعى الغيُ اتباعه ، واذا حبيب بن مظاهر واصحابه ، يركل اللحظة الخئون ، ويتصدى لامل الذل في البقاء ، دون نهاية المجد والارتقاء .
انه حبيب بن مظاهر وصحبه ، وبما ان تلكم الارواح الممتلئة بالكمال في اروع مظاهره ، وانقى صفاته ، من معبد الحياة التي اكتملت فيهم معانيها ، وسمو فيها مبلغ الصالحين . ارواح متحدة بالحقيقة المرة بفناء الاجساد ، والجميلة ببقاءها للشموخ كاوتاد ،الحقيقة المطلقة لاسباب الخلق والوجود ، والاصول القائمة في مواطن الخير والعطاء . حبيب وصحبه ، هم من امتد باركان وجودنا حين نناشد الحرية ، وحين نجد الحياة مع الظالمين برما . وحين يكون قائد المسيرة رغم القلة لوحشة طريق الحق ، هو مؤسس ناموس الثورة ضد الطغاة ، هو الابي هو الزكي ، هو ابن فاطمة بنت النبي . تلك الصحبة هم امتداد وجودنا الفكري والروحي والجمالي ، هم اتصال الينبوع بالنهر ، ونبتة الارض بماء السماء .
سجل التاريخ بعضا من حياة حبيب ، وان كانت لمحات . فالتاريخ العربي اشرف على الغاءه من سرقوا كل شيء ، السلطة والحقيقه ، وجفت يراع ومداد وعاظ السلاطين عن السيًر الرائعة لمن صنعوا مجد الرسالة ، يوم بدر والاحزاب والخندق ، حتى لتجلس عجيزات قادة الحروب ، ويلاقفها اولاد اكلة الكبود ضد المبشر والداعي ، ثم لتنتقل قتلا وابادة الى اولاد الوصي والهادي ، ثم ليكتبوا تاريخ الخصيان والغواني ، ومجالس اللهو والاغاني ، وعلقت اثار اهل الرجولة والتفاني .
لمحات ليست هي تاريخ اهل الحقيقة وحامليها ، والمضحون دوما من اجلها ، هي ذي الاكذوبة الكبيرة في تاريخنا ، والا بأي معيار يقاس حبيب والمتوكل ؟ بأي معيار يذكر لعلي ع اثنان واربعون حديثا ، وهو من ترعرع في حضن محمد ص ، ومات محمد في حضنه ، وتذكر لرجل ( الصفًة ) عشرات الالوف من الاحاديث ؟ من هو حبيب .
هو حبيب بن مُظهر، أو مظاهر بن رئاب الأسديّ الكنديّ، ثمّ الفقعسيّ. و يكنّى أبا القاسم، و يقال له سيّد القرّاء. و كان ذو جمال و كمال، و في وقعة كربلاء كان عمره (75) سنة، و كان يحفظ القرآن الكريم كلّه، و كان يختمه في كلّ ليلة من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر. روى صاحب كتاب (مجالس المؤمنين): إنّه تشرّف بخدمة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم، و سمع منه أحاديث، وكان معزّزاً مكرّماً بملازمة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام.
وقال صاحب (مجالس المؤمنين): حبيب بن مظاهر الأسدي محسوب من أكابر التابعين. نزل حبيب (رض) الكوفة وصحب علياً صلوات الله وسلامه عليه في جميع حروبه، فكان من خاصّته ومن أصفياء أصحابه وحملة علومه. وجاء في المعين على معجم رجال الحديث: وزاد البرقيّ: ومن شرطة خميسه. (أقول إنّ أقلّ درجاته أنه من شرطة الخميس، وهي وحدها تكفي لإثبات جلالته و وثاقته) . شيخ بهذا العمر ، وبعد حكاية خروجه من الكوفة مختفيا حتى لا يكشف امره عند عشيره ، تودعه زوجة امينة ، عند لحظة الوداع تقول له حبيب ، قبًل عني يد الحسين ، واسرع يا شيخ الى حيث النداء لنجدة ابن نبيك ص . اي نساء هذه ؟ واي قلوب تفعمة بالايمان ، قبالة اولاد الزواني ممن وجدوا على بوابات البصرة كأبن مرجانه ؟ شيخ يطرح الابجدية في طبيعة الصراع ونوعه عدة وعددا ، في لهيبها يرتجز ويقول : اقسم لو كنا لكم إعدادا……. أو شطـركـم ولـيتم اكتادا ……. يـاشـر قـوم حـســبا وآدا اي رجولة غرست فيك ايها الشيخ الفحل وانت تواجههم بهذا النسب الكريم ، والموقف العظيم حين تضع المقاييس في موضعها ولتضع اصبعك على موطن الحقيقه ، حيث تقول : أنـا حـبـيـب وأبـي مـظـاهـر فـارس هـيـجـاء وحـرب تـسـعـر أنـتـم اعـدُ عــدة وأكــثــر، ونـحـن أوفـى مـنـكـم واصـبـر ونـحـن اعـلـى حـجـة وأظـهر حـقـاً ، وأتــقــى منـكـم وأعـذر استشهد حبيب بوجه مشرق ، مستقبلا سيوف الغدر بوجه مبتسم موعده الوفاء ، دون عين تطرف خوف اهل النصب والادعاء .
في معبدك وصحبك حبيب ، وقائدك تنحني القامات اجلالا وتصاغرا . ورحم الشيخ محمد السماوي حيث يقول فيك : ان يهدَّ الحسين قتل حبيب فلقد هد قتله كل ركن بطل قد لقى جبال الاعادى من حديد فردها كالعهن لايبالي بالجمع حيث توخى فهو ينصب كانصباب المزن قتلوا منه للحسين حبيباً جامعاً في فعاله كل حسن ما كتب عن حبيب نزر قليل وهو موجود لمن يريد ان يتصفحه ، ان حبيب هو خيار الابطال ، ربما لو وضعنا معيارا للبطولة التي نفتقر لها الان كخيار ، ان تكون او تكون ؟ ولكن المضحك المبكي ان بعض من يقفون على قبر حبيب الان كموالين ، قرروا ان لا يكونوا لكي يتواجدوا .
تاريخ النصرة الخئون .