توتر بين بغداد وأربيل بعد تشكيل المالكي «قيادة دجلة»… ومناوشات في تكريت!!
أدى تشكيل الحكومة المركزية في العراق قيادة عسكرية تتولى مسؤوليات امنية في محافظات تضم مناطق متنازع عليها في الشمال الى تصاعد في التوتر بين بغداد واقليم كردستان الذي رأى في هذه الخطوة «نوايا وأهدافا» ضد الاكراد.
وكانت الحكومة المركزية شكلت في الاول من سبتمبر الماضي «قيادة قوات دجلة» التي اتخذت من كركوك (شمال بغداد) مقرا لها، لتتولى مسؤولية الامن في صلاح الدين وديالى وهي صلاحيات ممنوحة للقائد العام للقوات المسلحة وهو رئيس الوزراء نوري المالكي.
وذكرت مصادر حكومية ان القيادة الجديدة تهدف الى توحيد المعلومات الاستخباراتية بين وكالات الامن المختلفة في محافظات كركوك وصلاح الدين وديالى المتجاورة، إلا ان هذه الخطوة اثارت غضب القادة الاكراد الذين يعارضون السيطرة على مناطق متنازع عليها تقع في المحافظتين المتجاورتين. فالأكراد يريدون البقاء دولة منعزلة ويشاركون بالحكم في بغداد ولهم أطماع خارج دولتهم.
فقد اعتبر رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني الذي يتمتع بحكم ذاتي ان «تشكيل ما يسمى بقيادة عمليات دجلة في مناطق كركوك وديالى خطوة غير دستورية من قبل الحكومة العراقية» التي يترأسها رئيس الوزراء نوري المالكي. وأوضح انه «منذ البداية كانت لدينا شكوك ومخاوف» من تشكيل هذه القيادة، معتبرا انها «تأسست بنوايا وأهداف ضد الاكراد والعملية الديمقراطية والتعايش في المناطق المستقطعة من كردستان».
وبصفته القائد العام للقوات المسلحة، قال المالكي في بيان أصدره مكتبه ردا على هذه التصريحات ان القيادة «لا تستهدف مكونا أو محافظة أو قومية». وأكد ان تشكيل هذه القيادة يندرج في اطار «الصلاحيات الدستورية (…) ولا يحق لمحافظة او اقليم الاعتراض عليها لأن واجبها هو حماية السيادة الوطنية». وحذر رئيس الوزراء العراقي في الوقت نفسه قوات البشمركة (المقاتلون الاكراد) من استفزاز القوات الحكومية، مضيفا انه «على قوات البشمركة عدم القيام بأي اعمال من شأنها اثارة التوتر وعدم الاستقرار وتصعيد الموقف في تلك المناطق». ونصح المالكي في البيان البشمركة «بالابتعاد عن القوات الحكومية وتجنب استفزازها».
ورفض محافظ كركوك الكردي نجم الدين عمر كريم التعاون مع هذه القيادة. وقال ان «الجيش العراقي يجب الا يتدخل بالسياسة، ولا يمكننا ان نقبل ان تطبق علينا احكام عرفية لكونها مخالفة للدستور». ومعظم قوات الشرطة في كركوك هم من الاكراد في حين ان غالبية عناصر الجيش هم من العرب.
وأكد المالكي في بيانه ان «تشكيلات الفرق وقيادات العمليات وحركة الجيش يجب ان تكون حرة على كل شبر من ارض العراق، ولا يحق لمحافظة أو اقليم الاعتراض عليها، لأن واجب هذه التشكيلات هو حماية السيادة الوطنية».
الى ذلك، أفادت مصادر أمن عراقية أن أحد عناصر الجيش ومدنيا قتلا أمس في اشتباكات مسلحة بين قوات الجيش والشرطة العراقية وعناصر تابعة لزعيم كردي مقرب من الرئيس العراقي جلال الطالباني مطلوب للقضاء العراقي في منطقة الطوز التابعة لمحافظة صلاح الدين.
»
مناوشات بين “البيشمركة” وقيادة عمليات دجلة في تكريت
أكد الرئيس العراقي جلال طالباني ورئيس حكومة إقليم كردستان نيشروان البرزاني ضرورة مواصلة الحوار البناء بين بغداد وأربيل، فيما شهدت مدينة تكريت اشتباكات وصفت بأنها محدودة بين قوات “البيشمركة” وقيادة عمليات دجلة وأطلق قيادي في ائتلاف المالكي تصريحات متحدية جديدة بشأن انتشار قوات حكومية في مناطق الأكراد .
وقال بيان صدر عن حكومة إقليم كردستان أن الطالباني استقبل في محافظة السليمانية بإقليم كردستان رئيس حكومة الإقليم نيشروان البرزاني وبحث معه الأوضاع في العراق وكردستان . وأضاف البيان أن الجانبين ركزا على المشكلات الراهنة بين بغداد والإقليم الكردي . ونقل البيان تأكيد الطرفين على مواصلة الحوار والتزام الحوار البناء والصريح بين بغداد وأربيل من أجل معالجة المشاكل وتطوير العلاقات بين الجانبين .
وفي سياق آخر، أكد الجانبان ضرورة تطوير التنسيق والتعاون بين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني والقوى والأطراف الكردستانية بشكل عام، لترتيب البيت الكردي والحفاظ على المكتسبات وتطويرها .
وتزايد التوتر خلال الأسابيع الماضية بين الحكومة العراقية وقادة الكتل الكردية على خلفية إنشاء وحدات عسكرية أطلق عليها قيادة عمليات دجلة والسعي لنشرها في مناطق الأكراد .
وتحول التوتر المتنامي إلى مناوشات عسكرية أمس في تكريت، حيث شهدت المدينة اشتباكات بين “البيشمركة” وقيادة عمليات دجلة أسفرت عن وقوع قتيل و11 جريحاً . وقالت المصادر إن “قوات عراقية من الجيش والشرطة تحركت أمس لمدينة الطوز لتنفيذ أمر اعتقال كوران جوهر وهو قيادي كردي مقرب من حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، وجرى تبادل لإطلاق النار بين عناصر حمايته والقوات العراقية أسفر عن مقتل جندي عراقي ومدني” .
وأضافت المصادر أن “جوهر انسحب إلى شرق المدينة فيما استمرت عمليات تبادل إطلاق النار بين الطرفين” . وفي أول رد لها على الحادث أكدت وزارة “البيشمركة” في حكومة إقليم كردستان أنها احتوت المشكلة، مشيرة إلى أن المواجهات جاءت على خلفية مشاكل شخصية بين قوات “البيشمركة” وقيادة عمليات دجلة .
وتجيء التطورات فيما استمر قادة في ائتلاف دولة القانون بإطلاق تصريحات تتحدى معارضة الأكراد على نشر قوات عراقية على أراضيهم . ودعا النائب عن الائتلاف عبدالسلام المالكي إلى تشكيل قيادة الشمال في الإقليم على أن يكون مركزها في مدينة أربيل، مشدداً على أن إقليم كردستان هو جزء من العراق ومن واجب الحكومة الاتحادية الدفاع عن أبنائه ضد الخروقات التركية في ظل ما أسماه عجز قوات حرس إقليم كردستان عن المحافظة على سيادة الإقليم . وأضاف المتحدث أنه لا يحق لأحد الاعتراض على تشكيل قيادات العمليات كونها خطوة دستورية ومن صميم صلاحيات رئيس الحكومة نوري المالكي .