بقلم “كيسنجر”: ما تزال هناك فرصة لمنع الكارثة النووية الإيرانية
كتب هنري كيسنغر، وزير الخارجية الأميركي في الفترة ما بين 1973-1977، مقالاً نشرته صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية تحت عنوان “أولى أولويات أوباما: إيران”، استهله قائلاً إن “القرار الأكثر إلحاحاً الذي يواجه الرئيس الأميركي باراك أوباما في أعقاب حملة انتخابية مرهقة هو كيفية منع إيران من استخدام برنامجها النووي لأغراض عسكرية.
فقد اتفق مرشحا انتخابات الرئاسة الأميركية هذا العام على أن هذه المسألة هي من بين أهم المصالح الوطنية للولايات المتحدة، حتى رغم اختلافهما في وصف الهدف ما بين منع السلاح النووي الإيراني ومنع إيران من امتلاك قدرة تصنيع مثل هذه الأسلحة”.
وأشار الكاتب إلى أن “الولايات المتحدة وإيران يخوضان على ما يبدو مفاوضات ثنائية من خلال مبعوثين رسميين أو شبه رسميين، ولكن سجل المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني ليس مشجعاً بالمرة. حيث راوغت إيران المجتمع الدولي خلال مفاوضات استمرت لأكثر من عشرة أعوام، اختلف موقفها خلالها بين المرونة والتعنت بينما واصلت توسيع ونشر وإخفاء منشآتها النووية. وإن لم يوضع حد لهذه العملية، سوف يهيمن التقدم التكنولوجي لإيران على الأحداث”.
وتساءل “في أي مرحلة وبأي نهج ينبغي حرمان إيران من امتلاك القدرة النووية العسكرية؟”، مشيراً إلى أن “هذا هو جوهر الجدل المثار حول “الخطوط الحمراء”.
وأوضح الكاتب أن “عملية تطوير القدرة النووية العسكرية تنطوي على ثلاث مراحل وهي: نظام إطلاق صاروخي، والقدرة على تخصيب اليورانيوم، وإنتاج الرؤوس الحربية النووية. ومن جانبها، عملت إيران على توسيع نطاق أنظمتها الصاروخية منذ العام 2006 بينما قامت بتركيب أعداد من أجهزة الطرد المركزي تتجاوز أعداد الأجهزة المنصوص عليها في معاهدة حظر الانتشار النووي”.
ويقول الكاتب إن “التركيز على منع إيران من امتلاك سلاح نووي سيكون غير فاعل لأن عملية بناء وتجهيز الرأس الحربي لن تستغرق وقتاً طويلاً فور تخصيب الكمية اللازمة من اليورانيوم، حيث يكاد يكون من المستحيل اكتشاف ذلك في الوقت المناسب.
وإذا أسفرت الجهود الدبلوماسية الدولية الطويلة عن خط أحمر بمثل هذه الدرجة من عدم الفعالية، ستكون النتيجة هي انتشار الأسلحة النووية في منطقة تعج بالثورات والنزاعات الطائفية الدامية”.
ولفت إلى أن “الوقت المتاح للوصول إلى حل دبلوماسي للأزمة الإيرانية بدأ يتضاءل بينما تصّعد إيران قدرات تخصيب اليورانيوم وتقترب بخطى ثابتة نحو امتلاك القدرة النووية العسكرية. ولذا ينبغي على القوى الست العالمية أو الولايات المتحدة بمفردها أن تتخذ موقفاً حازماً من خلال تقديم برنامج دقيق للحد من تخصيب اليورانيوم مع وضع حدود زمنية واضحة”.
ورأى أن “المسار الدبلوماسي سيقود إلى نتيجة يقبلها مختلف الأفرقاء، كما أن فشله سيؤدي إلى تعبئة الشعب الأميركي والعالم وسيدفعهم لتأييد الخيار العسكري. وينبغي إقناع طهران بأن البديل للاتفاق ليس مجرد فترة أخرى من التفاوض، وأن استخدام المفاوضات لكسب الوقت سيؤدي إلى عواقب وخيمة”.
ويختتم الكاتب المقال بالتأكيد على أنه “ما تزال هناك فرصة لمنع الكارثة النووية الإيرانية من خلال مسار دبلوماسي مبدع واستراتيجية محددة تقوم فيها الولايات المتحدة بدور حاسم
“.