نصر الله يشن حربا نفسية استباقية تطاول شظاياها الداخل والخارج
لم يتأخر الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ليلاقي المقاومة الفلسطينية في منتصف الطريق مستفيداً من حسابات الربح والخسارة من خلال توجيه رسائل ساخنة في أكثر من اتجاه، وعلى قاعدة “نحاكي الابنة لتسمع الجارة”، خصوصا أنه قارب المشهد الفلسطيني – الاسرائيلي واعاد ربطه بالوضع الداخلي في محاولة جديدة لإفهام خصومه السياسيين بأن اللعبة الإقليمية والدولية تشعبت إلى أبعد الحدود وباتت أكبر منهم بكثيبر بعد التحولات المتسارعة التي عصفت وتعصف بالعالمين العربي والإسلامي في ظل إنتهاء فترة السماح وعودة الحراكين السياسي والعسكري إلى سابق عهده من السخونة والغموض، بما يعني إحتمالات مفتوحة على شتى أنواع المفاجآت.
في قراءة معمقة لمضمون الرسالة في شكلها وتوقيتها، إعتبر سياسي مخضرم أن السيد نصر اهلي شن هجوماً إعلامياً إستباقياً ليس فقط على اسرائيل، بل على خصوم الداخل.
وذلك انطلاقاً من شعور لدى الحزب بأن هناك مساعي جدية لاشعال نار الفتنة السنية – الشيعية، انطلاقاً من لبنان ومن المخيمات الفلسطينية بالتحديد، فالمتغيرات الطارئة على الموقف الفلسطيني انطلاقاً من حركة “حماس” ليست وليدة ساعتها على ما يبدو، بل هي مرهونة لمصلحة أجندة خارجية بامتياز، وما خروج “حماس” من سوريا سوى تنفيذاً لإتفاق سابق، وما تقديم الدعم المباشر من قبل “حزب الله” للجبهة الشعبية وسائر الفصائل المقاومة سوى استباقاً لإرتماء “حماس” في أحضان “الإخوان المسلمين” عبر مصر.
ومن هنا جاء التشديد على رفع السقف السياسي وربط التأكيد على الحوار من دون شروط مسبقة أو متبادلة، فالظرف بالغ الدقة وهو لا يحتمل المزيد من الرهانات عشية الانتخابات الاسرائيلية، فحكومة بنيامين نتانياهو على إستعداد لإستخدام كافة أوراقها للفوز مجدداً بما في ذلك تحريك أدواتها وأجهزتها في المنطقة لإرباك الوضع الناشىء، وما الحراك الذي عادت العاصمة المصرية لتشهده في الأيام الأخيرة الماضية سوى عينة عما يمكن أن تكون الصورة عليه في دول الطوق، وفي لبنان تحديداً.
ويبدو أن السيد نصر الله قال كلمته في ما يتعلق بجلسة الحوار المقررة في التاسع والعشرين من الحالي وهي جلسة حوار غير مشروط ومن دون أحكام ونوايا مسبقة، والا فليبق كل فريق في موقعه بانتظار تطورات الأشهر القليلة المقبلة، وبالتالي فأنه يكون قد نعى الحوار أقله إلى ما بعد عطلة الاعياد، أي إلى السنة المقبلة.
وفي سياق متصل، رأى السياسي أن تهديد السيد نصر الله لاسرائيل يأتي في سياق الحرب النفسية التي يتقنها جيداً، كما يندرج في خانة تعبئة الشارع وتحضيره للإحتمالات الداخلية فعملية خلط الاوراق الجارية على قدم وساق لن توفر لبنان ولا ساحته غير المحصنة في ظل أرض خصبة صالحة للتعايش مع التداعيات والإرتدادات اياً كان مصدرها.
فاصرار الفريق الاذاري على مواقفه من ملفات المنطقة بالرغم من المشهد الغزاوي والنتائج المحققة منه لا يبشر بالخير بالنسبة لرؤية الحزب المنهمك بمتابعة الأوضاع الإقليمية المتفجرة، وبالتالي فإن أي حرب نفسية إستباقية أكانت على الداخل أم على صعيد الخارج تقع في محلها الصحيح بحسب التعبير