رويترز: الجيش المصري أصبح خارج المعادلة ــ واشنطن: لم نعلم بالإعلان الدستوري سابقا!
عاد المحتجون المصريون إلى ميدان التحرير وفي مرمى نيرانهم الرئيس محمد مرسي لكن الجيش الذي كان في قلب الاضطراب السياسي في البلاد حتى أوائل العام الحالي ابتعد عن الأزمة ويرجح أن يظل بعيدا.
ولم يقم الجيش بدور ملحوظ على الساحة السياسية منذ أحال مرسي كبار القادة العسكريين للتقاعد في أغسطس آب أبرزهم المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي أدار شؤون مصر بعد إسقاط الرئيس السابق حسني مبارك في انتفاضة في فبراير شباط العام الماضي حتى تنصيب مرسي في يونيو حزيران هذا العام.
وليس هناك بادرة على أن الأمر سيتغير بعد الأزمة التي تسببفيها إعلان دستوري أصدره مرسي يوم الخميس موسعا سلطاته. وحصن الإعلان أيضا من القضاء جمعية تأسيسية تكتب دستورا جديد اللبلاد ومجلس الشورى الذي يهيمن عليه حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان لمسلمين. وتسبب الإعلان في عاصفة من الانتقادات والاحتجاجات من جانب معارضين.
وقال عسكري كبير لرويترز طالبا ألا ينشر اسمه لأن الجيش يفضل ألا يصدر أي بيانات سياسية “المجلس العسكري والقوات المسلحة تركا الساحة السياسية بعد تسليم السلطة للرئيس المنتخب.”
وأضاف “القوات المسلحة عادت الآن إلى دورها الطبيعي وهو حماية الدولة” مضيفا أن الجيش لن يتدخل إلا “إذا دعي لحماية الشعب” في حالة نشوب أزمة.
ويعكس ذلك خطا انتهجه الجيش يتمثل في حماية الدولة وأنه لن يتدخل إلا بطلب وهو خط يقول محللون ودبلوماسيون إن المرجح أن يتمسك به العسكريون خشية وقوع مزيد من الأضرار لسمعتهم التي تلقت ضربة خلال الفترة الانتقالية المضطربة التي كانوا مسؤولين فيها عن إدارة شؤون البلاد.
ويقول محللون ودبلوماسيون إن كثيرا من الضباط شعروا بالقلق من المعارضة المتزايدة لدور الجيش في السياسة وهي أمر يقوض سمعتهم ويهدد القطاع الضخم من الاقتصاد الذي يديره الجيش.
وربما يكون هذا ما شجع ضباط الصف الثاني في قيادة الجيش على مساندة قرار مرسي بإحالة قادة الجيش إلى التقاعد في أغسطس آب وأبرزهم المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة ونائبه الفريق سامي عنان.
ويدين القادة الجدد بترقيهم لمرسي وهم يوالونه. وقال محمد قدري سعيد وهو عسكري سابق يرأس وحدة الدراسات العسكرية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية “الجيش خارج الصورة الآن.” وأضاف أن الأمور تغيرت عندما أبعد طنطاوي وعنان، وشغل طنطاوي منصب وزير الدفاع لمدة 20 عاما في عهد مبارك.
وقال وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي الذي خلف طنطاوي في حفل تخرج عسكري قبل أيام إن ولاء القوات المسلحة للشعب والدولة. وأضاف في تصريحاته التي نشرتها وكالة أنباء الشرق الأوسط أن مهمة القوات المسلحة هي حماية البلاد في الداخل والخارج.
ويعتقد الدبلوماسيون والمحللون أن الجيش لن يتدخل إلا في أزمة تصل لمستوى الانتفاضة التي أطاحت بمبارك. وإلى الآن لم يصل مستوى الاحتجاجات والعنف إلى المستوى الذي سبق إسقاط الرئيس السابق
واشنطن : لم نعلم بالإعلان الدستوري مسبقا
أكدت الخارجية الأمريكية أنها لم تكن تعلم مسبقًا بعزم الرئيس المصري محمد مرسي على إصدار الإعلان الدستوري الذي أثار جدلاً سياسيًّا في البلاد.
وقالت الخارجية الأمريكية: “هيلاري كلينتون علمت بالقرار عند صدوره، وأطلعت القاهرة على قلقها حيال تركز السلطات بيد جهة واحدة”.
وأضافت الناطقة باسم الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند، ردًّا على أسئلة الصحافيين حول مدى علم كلينتون بقرارات مرسي الأخيرة، خاصة وأنها قابلته قبل أسبوع في القاهرة لبحث الأوضاع في قطاع غزة: “لقد علمت وزيرة الخارجية بالقرار عندما سمع به الجميع”.
وأردفت نولاند: “واشنطن تبحث عن توضيحات لخلفيات القرار، والقاهرة تعتبره خطوة مؤقتة، وعندما يقولون: إنه مؤقت فإننا نفهم بأنه سيطبق ريثما يتم الموافقة على دستور، ولكن مبعث القلق هو وجود العديد من القضايا التي لم تقدَّم بشكل جيد من خلال الطريقة التي اتبعها الرئيس المصري”.
وذكرت وزارة الخارجية أن كلينتون اتصلت بوزير الخارجية المصري محمد عمرو، وشددت خلال الاتصال على وجهة نظر الولايات المتحدة التي تحض على عدم وضع دستور يركز الصلاحيات في أيدي عدد محدود من الأشخاص.
ولفتت الناطقة باسم الخارجية الأمريكية إلى أن النقاش الجاري الآن حول الدستور وخطوة مرسي لن يؤثر على عزم واشنطن مواصلة تقديم المساعدات الاقتصادية لمصر، مؤكدة أن الإدارة الأمريكية أوضحت ذلك للكونجرس.
جدير بالذكر أن السناتور الجمهوري الأمريكي جون ماكين قد حذر من احتمال قيام دولة “إسلامية” في مصر أو عودة العسكريين إلى السيطرة على هذا البلد، في حال لم يتراجع الرئيس المصري محمد مرسي عن الإعلان الدستوري الأخير الذي أصدره والذي منحه صلاحيات مطلقة.
وفيما اعتبره المراقبون تحريضًا دعا ماكين الإدارة الأمريكية إلى التفكير بشكل جدي في استخدام المساعدة التي تقدمها الولايات المتحدة إلى مصر وسيلة للضغط على الرئيس مرسي للتخلي عن الإعلان الدستوري الأخير الذي وصفه بأنه دفع بالبلاد إلى أزمة خطيرة.
وردًّا على سؤال حول احتمال أن تؤدي هذه الأزمة إلى إقامة “دولة إسلامية جديدة” قال ماكين: “الأحداث الجارية يمكن بالفعل أن تدفع الأمور مباشرة إلى هذا الاتجاه