أليوت يستيقظ مجدداً
نقلت الصحف البريطانية في الأسبوع الماضي من هذا الشهر، خبر وفاة زوجة الشاعر ت.س.أليوت الثانية واسمها فاليري أليوت وكانت السيدة فاليري سكرتيرة الشاعر ثم محررة رسائله وقد تزوجها أليوت بعد إصابة زوجته الأولى فيفين بالجنون. ويتوقع الباحثون في تراث أليوت الكشف عن مجموعة كبيرة من الوثائق والرسائل تخص الشاعر الكبير التي كانت زوجته فاليري حريصة على كتمانها. ومن المعروف أن أليوت بعد أن كتب قصيدته الشهيرة الأرض اليباب سيستغرق مجدداً في البحث عن معنى للعالم.
كما ستتفاقم صعوبات علاقته مع زوجته الأولى «فيفين» وهي علاقة كانت تميل شيئاً فشيئاً إلى الحافات الخطرة. ولن يتخلص أليوت من هذه العلاقة إلا بعد انفصاله النهائي المعذّب في واقع الحال، عن فيفين ورحيله إلى الولايات المتحدة. وقد أصيبت فيفين أليوت بـ»صدمة فظيعة» عندما علمت بالأمر، وفق وصف فرجينيا وولف. لأن اليوت كان قد رتب تفاصيل الطلاق عبر محاميه عندما كان في الولايات المتحدة ودون علم زوجته. إلا أن هذه الأخيرة لم تصدق وظلت تنتظر عودته بلهفة. وسيدخل أليوت فعلياً بعد عودته إلى لندن في كابوس حقيقي وسيضطر إلى إخفاء عناوينه والأمكنة التي كان يرتادها وسيقلص أيضاً عدد الزيارات إلى أصدقائه، وسيظل طوال عامين كاملين تقريباً رجلاً خفياً.
في المقابل كانت هستيريا فيفين وشكوكها تتضاعف على نحو مخيف، فها هي تطلق أقدامها في الشوارع ومكتب دار نشر فابر أند فابر بحثاً عنه، هي التي كانت تعتبر الانفصال ليس غير إشاعات وأقاويل وأن اليوت لن يستريح في النهاية إلا في بيته.
وقد أوصلها الأمر إلى أن تنشر إعلاناً في صحيفة التايمز تقول فيه: «هلا عاد ت. س. أليوت إلى بيته في 68 كلارنس جيت جاردنز الذي تركه منذ 17 سبتمبر 1932».
كان أليوت الالماحي والذكي قد كتب في زيارته الأميركية هذه وفي مستهل القصائد المجموعة لهارولد مونرد هذه العبارة الدالة: «لا يوجد مهرب ولن يكون هناك مطلقاً».
إلا أن السيدة أليوت اختفت في ما بعد عن الأنظار نهائياً، وتوفيت وحيدة في مستشفى أهلية للأمراض العقلية، تقع في فسنبري بارك. وانتهت رحلة عذاب شاقة ومؤلمة من حياة أليوت، ورغم أن «القسوة» و البرود» اللذين وصف بهما اليوت إلا أن جميع أصدقائه تقريباً تفهموا المنحدر، الذي كان سيسقط فيه أليوت فيما لو استمرت علاقتهما.
واصل اليوت في ما بعد مواظبته في العمل على مقالات ودراسات متنوعة وانخرط على نحو عملي تقريباً، في العمل الدرامي.
ابتدأ من عمله المسرحي «الصخرة» ثم «جريمة في الكاتدرائية» والتي شاهدتها فيفين قبل وفاتها عدداً من المرات، ثم «جمع شمل العائلة» فضلاً عن انهماكه في الأعمال والاجتماعات الكنسية (كان قد اعتنق العقيدة الانجلكانية). باختصار، كان أليوت يبحث عن «الإيمان». وعلى الرغم من المظاهر الدينية الخارجية التي كان يمارسها أليوت إلا انه في «العمق» ظل رجلاً شكوكياً وحائراً ومتهكماً. وقد أشار احد أصدقائه إلى الجانب المتوحش والبدائي في إيمان أليوت، غير أن بيتر اكرويد يُرجع هذا الأمر إلى شعوره الحقيقي بوجود الشر والظلمة والإحساس بالاضطراب