الاخبار: الحريري تلقى صفعة من البرلمان الاوروبي الذي تجاهل مطالبه
عقدت لجنة العلاقات الخارجية مع دول المشرق في البرلمان الاوروبي في الرابع من الشهر الجاري، جلسة لبحث قضية النازحين السوريين. من وجهة النظر الأوروبية، اكتسب الاجتماع الدوري أهمية خاصة هذه المرة، لتزامنه مع تعاظم المؤشرات المقلقة التي تشي بأن الاحداث في سوريا بدأت فعلاً تفرز مشاكل تهدد الاستقرار في كل دول المشرق، وخصوصاً بعد تزايد أعداد النازحين السوريين الى هذه الدول.
وذكرت “الاخبار” انه “من خارج هذا الاطار الجدي للنقاش، بدا نافراً، حتى بالنسبة إلى نواب أوروبيين مشاركين في الاجتماع، تصدّي عضو كتلة “المستقبل” النائب احمد فتفت للكلام، ونقله الحوار الرصين من قضية النازحين الى الوضع الداخلي اللبناني، بأسلوب يكرر السجال التفصيلي الهادف الى دعم مطلب فريقه السياسي بالعودة الى الحكم. ورغم أن المداخلات كانت ارتجالية، أخرج فتفت من ملفه خطاباً معداً سلفاً، على نحو يؤشر الى ان كاتبه هو تيار “المستقبل”، باشراف شخصي من رئيس الحكومة الاسبق سعد الحريري، حسبما تردد في كواليس الاجتماع”.
وكرر فتفت، بحسب “الاخبار”، في خطابه مواقف فريقه السياسي، كما تعكسها سجالات شخصياته في وسائل الاعلام اللبنانية، مع زيادة مفتعلة في وتيرة الافتراءات على الحكومة ورئيسها و”حزب الله” وايران وسوريا، كما تضمن الخطاب نوعاً من خطة عمل طرحها تيار “المستقبل” على لسان فتفت، داعياً البرلمان الاوروبي الى التزامها. فقد شكا نائب “المستقبل” في كلمته من حكومة ميقاتي، طالباً المساعدة على ترحيلها. وكرّر أسطوانة رواية فريقه عينها حول قضية الوزير السابق ميشال سماحة، عارضاً استنتاجاته الأمنية والسياسية حولها، وخصوصاً لجهة تحميل الحكومة المسؤولية عنها وعن اغتيال اللواء وسام الحسن. وحض البرلمان الأوروبي “على التنبه الى أن الحرس الثوري الايراني اصبح على ضفاف المشرق”، وطالب بدعم “الربيع العربي” ومناصرة المعارضة السورية، موضحاً ان الدعم الاوروبي لها “هو الذي سيوفر الحماية والاستقرار للبنان، لا سياسة النأي بالنفس، التي تهدف إلى حماية النظام السوري”. وانتقد “حزب الله” لـ”تدخله في الاحداث السورية، ورفضه احترام العدالة الدولية في مختلف الجرائم بما فيها اغتيال الرئيس رفيق الحريري واللواء وسام الحسن”. وحذر من “تهديدات جدية بتصفية شخصيات لبنانية من فريقه السياسي”.
ثم طرح فتفت، بحسب الصحيفة، ما يشبه مبادرة لحل الازمة السياسية الحالية في لبنان، متوسلاً دعم الاتحاد الاوروبي. واللافت ان “المبادرة” خلت من بند طاولة الحوار الوطني، ما جعلها تبدو كأنها مطروحة في وجه مبادرة رئيس الجمهورية ميشال سليمان، التي تركز على استئناف الحوار. وهي تضمنت، كما لخصها سياق كلام فتفت، نقطتين اساسيتين: أولاً، مطالبة الاتحاد الاوروبي بإرسال بعثة لمراقبة الانتخابات النيابية التي ستجري في لبنان في ايار المقبل. وثانياً، “العمل على منع حدوث فراغ سياسي في لبنان عن طريق رحيل الحكومة الميقاتية الحالية، وتأليف حكومة جديدة من تكنوقراط تتولى زمام الامور، وتكون لديها اهداف محددة، على ان يدعم المجتمع الدولي مهمتها”.
وبدا واضحاً ان “افتعال فتفت ايجاد ربط بين تأليف حكومة تكنوقراط ومنع حدوث فراغ سياسي، يأتي تلبية لمقتضيات خطة تحرك دولي، وضعها الحريري، بعد اصطدامه اثر مقتل الحسن باصرار المجتمع الدولي على بقاء حكومة ميقاتي تحت بند منع الفراغ السياسي وتهديد الاستقرار. وتعتمد الخطة على الترويج لفكرة معاكسة تقول إن رحيل ميقاتي يمنع الفراغ، لا العكس”. وضمّن فتفت هذا المعنى في خطابه مدعياً وجود سيناريو متوقع، يتضمن “تقديم سياسيين ومسؤولين في الحكومة الحالية استقالاتهم منها قبل تأليف حكومة جديدة لاغراق البلد في فراغ سياسي خطر”. وأكد ان “منع حصول هذا السيناريو يستوجب الاسراع في تأليف حكومة تكنوقراط ذات مهمّات محددة يدعمها المجتمع الدولي”، وفي هذا اشارة مضمرة الى أن الحريري، لقاء قبول المجتمع الدولي إقالة ميقاتي، سيكون على استعداد لوضع برنامج مهمات للحكومة الجديدة، بالتشاور مع “المجتمع الدولي”.
وكشفت “الاخبار” ان “الرد الأوروبي لم يتأخر على كلام فتفت، ولو بصورة غير مباشرة. ففي كلمته الختامية، نوه مسؤول هيئة العمل الخارجي الاوروبي جان سنايدوف بالتعاون الوثيق والعالي المستوى بين الاتحاد الاوروبي ولبنان. وأعرب عن ارتياح الاتحاد الاوروبي لسياسة النأي بالنفس التي تنتهجها بيروت. وأكد الدعم والاحترام الرسمي الاوروبي لسياسة الحكومة اللبنانية، كما نوه بالمناخ الذي ساد الاجتماع الاخير في اطار اتفاقية الشراكة بين الجانبين، معبراً عن شكر الاتحاد الاوروبي لحسن العلاقات القائمة بينه وبين الحكومة اللبنانية”.
ووصف كلام سنايدوف الذي ينظر اليه على انه المعبّر عن الموقف الرسمي للبرلمان الاوروبي، بأنه “مثّل صفعة ليس لفتفت فقط، بل أساساً، إلى الرجل الذي أراد من خلاله ايصال رسالة إلى أوروبا، أي سعد الحريري
“.