الجنرالات تصنع سياسة أوباما الناعمة : هل أنتهت “الحرب على الاهاب “؟
كشف مسؤول رفيع في “البنتاغون” جيه جونسون ،المستشار العام لوزارة الدفاع الأميركية، بأن الحرب ، ضد “الإرهاب”، لن تتوقف بنهاية الحرب في أفغانستان ،مؤكداً أن الولايات المتحدة سوف تستخدم كافة الوسائل العسكرية المتاحة، في ملاحقة شبكة “القاعدة ،بضمنها استخدام الطائرات بدون طيار .”
أصلاح وكالة الاستخبارات
اعاد أوباما اوراق الوكالة المركزية والسياسة الخارجية في الاشهر الاولى من ولايته الاولى في البيت الابيض عام 2008 . واستجوب مسؤوليي الوكالة واولهم : تينت ” مدير الوكالة في ولاية بوش . التحقيقات جائت في ضوء معلومات حول ضغوط اجرتها الصقور في البيت الابيض على الوكالة خلال ولاية بوش وغزو العراق 2003 . تلك المعلومات اثرت في مهنية الوكالة الاستخبارية و في قدرتها بسبب عدم التحقق من امتلاك العراق الى الاسلحة الكيمياوية .
اما تورط الصقور وخاصة ” ديك تشيني” مباشرة في تسريب معلومات حول عميل وكالة الاستخبارات الاميركية وزوجها كونهما قدما تقريرا للادارة الاميركية بعدم امتلاك العراق للاسلحة الكيمياوية .
وقد بدأ التحقيق في 2004 بشأن قضية تسريب اسم عميلة “السي آي إيه “ ، “كاليري ولسن” المسؤولة عن ملف الاسلحة الكيمياوية بالعراق وعن فرق التفتيش بعد أن تقدمت الوكالة بشكوى حول كشف هوية العميلة السرية وزوجها، وهو سفير أمريكي سابق في العراق / جوزيف ويلسون، قد انتقد الحرب في العراق . وتزعم القضية المدعي العام الاميركي فيتزجيرالد وتعتبر مثل هذا التسريبات جريمة فدرالية يعاقب عليها القانون .
أما باول وزير الخارجية انذاك فقد اوهم المجتمع الدولي بفبركة الاسلحة الكيمياوية في العراق معتمدا على عميل عراقي يعمل لصالح المخابرات الالمانية وتم تعبيره الى الوكالة المركزية ، والمعروف تحت اسم كيرف بول/ اي الكرة البيضوية ، وكانت ادارة هذا العميل من قبل مسؤول شبكة عملاء السي اي ية في اوربا. هذه الحقائق لم تعد سرا بعد ان قام” بوب سايمون “كبير مراسلي ال سي بي اس بكشف الحقائق في برنامجه 60 دقيقة .
لذا نجد ان التركة التي ورثها اوباما من سلفه بوش كانت ثقيلة جدا ابرزها تراجع عمل الوكالة المركزية، بالاضافة الى تحديات ايران وسوريا و توصيات لجنة بيكر هاملتون. أما صورة الولايات المتحدة ومصداقيتها في المنطقة فقد تعرضت للكثير .
أوباما هو الوجه الجديد الى الولايات المتحدة واختياره لم يكن من فراغ بل هو انعطاف في تاريخ اميركا المحارب. لقد كشفت سياسة اوباما اهتمامه في وكالة الاستخبارات الاميركية والبنتاغون واعادة نشر القوات الاميركية .
لذا ابقى اوباما في ولايته الاولى على ” غيتس ” مدير لوكالة الاستخبارات المركزية ـ من عهد بوش ـ ، وهو مسؤول استخباري كرير ،سبق ان قاد الوكالة واحتل في وقت لاحق منصب وزيرا للدفاع .
تبني الاستخبارات
هذا الحرص يؤكد ان رؤية اوباما كانت تقوم على اساس العمل الاستخباري والسياسة الناعمة ، بدلا من سياسة نشر القوات رغم اعتماده على العسكر في الاستخبارات . وكان يهدف من ذلك الى تقليص نفقات الجيوش الاميركية ومواحهة الخصم الصيني في مناطق اخرى و وتقليص نفقات الدفاع من خلال اعتماد القتال بالوكالة في مواجهة القاعدة مثل الصحوات في العراق واللجان الوطنية في اليمن والقوات الافريقية والمحاكم في الصومال .
البنتاغون ووكالة الاستخبارات المركزية ربما كانا يمثلان الوزير والملك في رقعة شطرنج اوباما . لذا حرص كثيرا على ايجاد تنسيق بينهما وما عمله من تزاوج بين البنتاغون والوكالة ، يعكس الرؤية الحقيقية الى مسك العصا من وسطها . لذا الملاحظ في التنقلات مابين” باتريوس” قائد الجيوش الاميركية ورئيس وكالة المخابرات المركزية ” بانيتا ” وتبادل الادوار بينهما يؤكد صحة ما نطرحه في ورقة بحثنا هذه .
كذلك تم تعيين” كابلر ” في 2010 مديرا للامن الوطني وهو جنرال سابق و تعيين الجنرال “كيث الكسندر ” مديرا الى وكالة الامن الوطني وامن المعلومات.
هكذا اعتمد اوباما على خبرات العسكر في ادارة الوكالات الاستخبارية معتمدا على تجاربهم وتاريخهم النظيف . هذا الراي وجدته ايضا مطابقا الى ما نشرته صحيفة الشرق الاوسط في عددها 7 نوفمبر 2012 .
التزاوج مابين الاستخبارات والدفاع
لقد احدث اوباما تغير وتحولا بل اصلاحا لسياسات البيت الابيض ، وكانت اول بوادر سياسه التغيير هي الحوار مع سوريا وايران وطالبان واطراف اخرى بدل استخدام لغه التهديد والضربات الاستباقيه . وقد جاء هذا الحوار نتيجه ستراتيجيه جديده من داخل البيت الابيض وهي الفصل مابين الارهاب والحواضن .
عالج اوباما الملفات السياسه العالقه من موقع ادنى وتصرف كمسؤول استخباراتي في معالجته ملف ايران ومحاولة فك ارتباط سوريا بايران وتقليص نفوذ حزب الله .
لقد اصلح اوباما فعلا ،الحلقه المفقوده مابين البنتاغون والوكاله الاستخباريه باعتماده على فرق من المحلليين والعملاء العسكريين داخل الوكاله لتغذيه البنتاعون بالمعلومات المصنفه وخاصه قواعدها العسكريه في الخارج وهذا اسلوب جديد داخل الوكاله لم تشهده من قبل بالاضافه الى استعانه الوكاله بمحلليي اخبار ممن يجيدون اللغه العربيه ولغات الدول الاخرى التي تستهدفها اميركا ومنها الصومال
. والابعد من ذلك استحدث اوباما مقرات اتصال اقليميه للوكاله تمكن قواتها من التوصل للمعلومات العسكريه مباشره دون الرجوع الى المركز وكانت دوله جيبوتي افضل مثال على ذلك للتجسس على دول القرن الافريقي فنيا في المواقع التي يصعب ايجاد او ايصال المصادر البشريه .
أما اعلان “بانيتا “مطلع شهر ديسمبر الجاري 2012 باعتماد استخبارات البنتاغون في عمليات تجسس في الخارج وبعدد اولي يبلغ 1600 عميل ماعدا الملحقيات العسكرية يعتبر خط اسناد استخباري يوازي وكالة الاستخبارات المركزية.
ان اهميه السي اي ايه في سياسة أوباما جعلته يعطيها مسؤولية متابعه ملفات الفساد الاداري في الدول التي تحصل على المساعدات الاميركيه ضمن باب التنميه ومكافحة الارهاب ، لذا كشفت الوكالة تفاصيل فساد كثيرة منها في العراق واليمن .
القاعدة خطر محلي وليس دولي
لم تعد القاعدة خطرا على اميركا بل خطرا على ألمنطقة اي الشرق الاوسط ،لقد نهجت القاعدة سياسة جديدة بعد تراجعها في اعقاب مقتل ابرز قياداتها من الجيل الاول منهم الزرقاوي 2006 وبن لادن في مايس 2011 والعولقي وغيرهم من القيادات في معقلها وزيرستان . بالاضافة الى ان كم المعلومات التي حصلت عليها وكالة الاستخبارات الاميركية ومكافحة الارهاب كشفت الكثير من اسرار هذا التنظيم وزعزعة ايدلوجيتها في ظل نقص التمويل وعمليات اصطياد الدرون / طائرة بدون طيار .
هذه التطورات افقدت التنظيم بريقه واصبح حسب وصف المعنيين بانه تنظيما رمزيا ” للجهاديين” الاصوليين ليس اكثر . الدراسات والمحللون اكدوا بان القاعدة تحولت من تنظيم مركزي الى شبكة للقاعدة / اي القاعدة تقلصت تنظيميا ، لكنها انتشرت وانشطرت ايدلوجيا من خلال شبكات الانترنيت . وتراجعت / القاعدة بتحقيق اهدافها في الولايات المتحدة منذ عام 2005 /عملية انفاق لندن ، لذا لم نجد اي عملية داخل الولايات المتحدة واوربا رغم وجود محاولات فاشلة.
فاختفت عولمة الاهداف القاعدية باهداف محلية ضمن تنظيماتها المحلية منها : تنظيم انصار الشريعة في اليمن وما ” يسمى بدولة العراق الاسلامية” في العرق وتنظيم الشباب في الصومال . هذه التنظيمات اصبحت بعيدة عن مركز التنظيم وتنفذ اهداف محلية وذات منافع شخصية اكثر ما تمثل ايدلوجية القاعدة وعولمتها ليكون مقاتليها من خريجي المعتقلات .
القاعدة لم تعد تمثل تهديدا الى الولايات المتحدة ، وان اتفقنا على استمرارية ذلك التهديد فلا يمثل الا احتمالات ضئيلة جدا وسط تقدم التقنية والمعلومات .
استنفاذ “الحرب على الارهاب”
الولايات المتحدة قد استنفذت كل جهودها في حربها على الارهاب مابعد 11 سبتمبر 2001 و اصبحت حجة الولايات المتحدة ضعيفة في مواجهة الارهاب حتى عند اقرب حلفائها ومنها المانيا التي قررت سحب قواتها من افغانستان مطلع عام 2013 .
أن أحتمالات الغاء العمل بقرار مكافحة الارهاب يعود لمحاولة اميركا باستعادة دورها التقليدي في المنطقة وسط تسونامي اقتصادي خاصة في منطقة اليورو .
وكان الكونجرس قد أقر في شهر يوليو/تموز من عام 2007 صيغة معدَّلة من القانون تضمنت العديد من توصيات لجنة التحقيق في أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001
وقد جرت الموافقة على تمديد العمل بالقانون حتى الثامن من شهر ديسمبر/كانون الأول الحالي 2012، رغم أن إدارة الرئيس باراك أوباما كانت تطالب بتمديده حتى عام 2013.
و من المحتمل أن يواجه مشروع القرار رفضا لدى طرحه أمام مجلس الشيوخ .
وتتوافق تصريحات جونسون مع كلمة أوباما، في شهر نوفمبر 2012، حيث قال، أمام جامعة هارفارد، إن الولايات المتحدة تستخدم طرق “تتوافق تماماً مع القوانين الوطنية والدولية ضد جماعات تشكل تهديداً أمنياً للولايات المتحدة.
“
وفي تقديرنا انها اشارة الى استخدام عمليات الدرون/ طائرات بدون طيار و محاولة من اوباما لتجنب عمليات الترحيل القسري والاستجواب مع القوة والسجون السرية التي اصبحت موضع انتقاد للولايات المتحدة، وهي تتطابق مع اخلاقيات جائزة نوبل للسلام التي حصل عليها اوباما 2009 ومباديء “جيسي جونسن” الديمقراطي الداعم لحملة اوباما الانتخابية .
ويساورالمنطقة القلق الكثير ،عما تسفر عنه الازمة السورية من نتائج ، هذه الازمة اصبحت مصدر لتصدير الارهاب والازمات ،لتداخل النظام السوري بايران وبالقاعدة وخلايا ارهابية في المنطقة . ليتحول الارهاب من تنظيم القاعدة المركزي في 11 سبتمبر الى ارهاب عائم وتنظيمات “جهادية “جديدة .