آخــــر المـطـاف …. رهــان التــدخـل الخـارجــي المــوؤد
الأزمـة الســوريـة تـقـتـرب مـِنْ نهـايـة عـامـهـا الثـانـي , وقـد مـرت خـلال عمـرهـا هــذا , بـمـراحـل وتـدحـرجـات مـتـبايـنـة , فـرضتهـا طبيعـة حـراك شــارعـهـا , الـذي بـدى ظــاهـره ســـلمـيـا , ثــم مـا لـبـث أنْ كـشــر عــن أنيـاب تـآمـره , وحـقيقــة ارتـبـاط القـائميـن عـلـى تحـريـك مـياهه , وكشــف جهـات ارتـبـاطــه ودعمـة واجـنـدتـه الخـارجـيـة مـع تـقـادم الـزمــن , وتســاقــط الـمـراحــل واحـتـراقـهـا تـبـاعـا , وايـام الاحـداث المـاضيـة الـتـي أسـمـاهـا البعض بمعـركـة دمـشـق الحـاسمـة ( ومـا أكثـرهـا مـِنْ معـارك وحــواســم وفـواصـل الـتـي تعـودنـا عـلى ســمـاعهـا بيـن الحـيـن والاخـر ) , اريــد لهــا أنْ تـكـون مـخـتلفــة عـن ســـابقـاتهـا , حـيـث حـُشــد لهـا بشـريـا وتســليحـيـا , وهـيـأت لهـا غـرف عمـليـات عـلى درجـة عـاليـة مـِنْ التـقنيـة والـدرايـة , والقـدرة عـلى الدعـم الـوجـيـسـتـي الـتـأثيـري عـلى الارض , وكـل هــذا حـدث بـعـيـدا عـن الضجـة الأعـلاميــة والـتـطبيـل الـذي طـالمـا تـعـايـشـنـا معــه قـبيـل محـاولاتهـم الخـائبــة وليس الحـاسـمـة الســـابقــة , هــذا التـعـتـيـم والكـتمـان يـمـكـن أنْ يــكـون قــد انـطـلـى عـلى الـعـامــة مـِنْ النــاس , الـذيـن فــاجـئتـهـم الاخـبـار والتقـاريـر الـمـُســربــة عـن اعــداد المقـاتلـيـن و المـرتـزقـة , ونـوعيـة الاســلحـة والتجهيـز والتخـطيـط والتـنسـيق مـع الخـارج ,
ولــكـن هــذا كــلــه لـم يــكـن فيــه اي عــنصــر مفـاجئـــة لأصـحـاب الشـــأن , ورجـالات الظـــل الســـوري , الــذيــن كـانت عـيـونهـم وســتبقـى فـي كـل مكـان , تــرصـد التحـركـات وتـلتـقط المعـلومـة وتحـللهـا , وتضعهـا بيـن يــدي قــادة حمـاة الـديـار والاجهــزة المعـنيــة , وكنتيجـة طـبيعيـة لهـذا الجهـد الاســتخـبـاري جـاءت الضـربـة الاســتبـاقيـة الـتـي نـفـذتهـا قـطعـات بعـينهـا فـي الجيش العـربي الســوري , لأوكـار المســلحيـن وقــواعـد تجمعهـم , لـتجـهض مـاتـم الاعـداد والتـخـطيـط لــه مـنـذ فـتـرة لست بالقصيـرة , وشـاركت بـه اجهـزة مخـابـراتيـة دوليـة , لهـا بـاعهـا الطـويـل فـي هـذا المجـال مثـل امـريكـا وفـرنسـا وبريطـانيـا وتـركيـا واســرائيـل , نـاهيـك عـن الدعـم المـالي والتســـليحـي , والتحشــيـد البشـري مـِنْ دول العـُربـان , وحـيث لـم تـحـقق عمـليتهـم هــذة كســابقـاتهـا اهـدافهـا المـرسـومـة , تـكـون قـد احـتـرقـت مـرحـلـة جـديـدة مـِنْ مـراحـل انتصـارهـم المـزعـوم , وهـذا لا يعـنـي نهـايـة الأمـر , لأن الاســتـراتيجيـة التـي تـتبعهـا الغـرف العمليـاتيـة فـي الخـارج , وتـُسـيـر بهـا قطعـان مـسـلحـي الداخـل , تعتمـد عـلى تكـيـك فـتـح جبهـات اصطـدام مـتبـاعـدة ومبعثـرة , لأرهـاق القطعـات العسـكريـة اثنـاء عمليـات عـادة انتشـارهـا وملاحقتهـا لهـم .
بـدون أدنـى شــك إنَ هـنـاك تـعـاون اســتخـبـاري ســوري روســي ايـراني , وتـبـادل معـلـومـاتـي , وهـذا ليس ســرا , كمـا أنــه ليس بـالعمـل الـغيـر قـانـونـي او المـُعـيب والمشــيـن , مـادام هـنـاك اتفـاقيـات اســتـراتـيجـيـة عـسـكـريـة وأمـنيــة بـين ســوريـة وتلك الـدول , ولــكـن أنْ يحـاول البعـض بقصـد او بـدونــه , أنْ يـُجـرد الانجـازات العسـكـريـة والعمـليـات النـوعيـة مـِنْ ســـوريـتهـا , ويجـيـرها الـى جـهـات اخـرى حـتـى لـو كـانت حـليفــة , فـيـه مـِنْ الاســاءة والانــتقـاص لقـدرات المـؤسسـة العسـكريـة الـوطنيـة واجهـزتهـا الاســتخبـاراتيـة والأمـنيــة , فـالعمـل الاســتخبـاري والعســكري النـوعـي الـذي احـبـط أكـبـرعمليـة اســـتهـداف لمطـار دمـشــق ومحيطـة , مـِنْ قـبـل مـرتـزقـة الارهـاب والمـســلحـيـن التـابعيـن الـى ما يسـمـى ( بالجيش الح….ر ) المدعـوم مـِنْ الـدول الـراعيــة للتــآمـر , نجـزم انـه ســوريـا وطـنيـا بـحـتـا , وإنَ كـل مـا اشـــيـع عـن كـونـه عمـل اســتخبـاري روســي ,
فهو مجـافـي للحقيقـة , وفـيـه مـِنْ الـغـُبـن الكثيـر , وعمـليـة الـتـرويـج لهـكـذا اخـبـار , خصـوصـا وإنهـا تـأتــي مـِنْ جهـات اعـلاميـة اجـنبيـة معـاديـة لســـوريـة , يـراد مـِنْ وراءهـا القـول , إنَ هـنـاك تـدخـل روسـي مبـاشـر فـي الاحـداث عـلى الارض , وبـالتـالـي اعطـاء الحـق والمشـروعيـة للتـدخـل العسـكري المباشـر للطـرف الآخـر , او اعطـاء التبـريـرات لــتـدخـلات مـوجـودة اصــلا . واهـم مـَنْ يـعـتقـد إنَ مـا يحـققـه مســلحـي تـركيـا وقـطـرائيـل والســعوديـة , مـِنْ سيــطـرة وقـتـية عـابـرة عـلى مـوقـع عســكري هـنـا وآخــر هـنــاك , يـعنــي حـدوث ضـرر فـي البنـى العســكريـة والمعـنـويـة للجيش السـوري , مثلمـا يحـلول أن يـلمـح البعـض , فـالجيش العـربـي الســوري وبـالـرغـم مـِنْ كـل هـذا الاســتهـداف العسـكري والمخـابراتـي والاعـلامـي والنفـسـي , واســـلـوب القتـال المعتمـد فـي حـرب المدن والشــوارع , الذي لـم يـكـن فـي يـوم مـا , مـِنْ منهجيـات اعـدادة وتـدريبــة ,
وكـذلك اتســاع الرقعـة الجغـرافيـة لتحـركـاتـه , ضمـن بيئــة مـدنيـة تفـرض عليــه قـيـود والتـزامـات مهنيـة ووطنيـة واخـلاقيـة انسـانيـة , فـأنـه لا زال صـاحب اليـد الكبـرى والقـوة الفـاعـلـة والمتحكمـة بمـا يدور عـلى الارض , وإنَ طـرهـات وسخافات مشـاركـة خبـراء ومسـتشـاريـن روس فـي عمليـات اقتحـام تحصينات المسـلحين فـي بـلدات داريـا وعقـربـا وقـرحتـا , وضـواحـي ومنـاطق محيط مطـار دمشـق , فهـي مجـرد خـزعبـلات , كتلك التي تحدثت عـن مقتـل عمـر سليمـان فـي حـادث تفجيـر مبنـى الأمـن القـومـي , ومشـاركـة طياريـن ايرانيين وكـوريين شمـاليين , ومـا اليــه مـِنْ الاكـاذيب والتلفيقـات , التي تـنـم عـن مـدى ضحـالـة تفكيـر اصحابهـا ليس إلا. البـحـث عـن الحـجـج والمـبـررات , التي يــبحث عنهـا الغـرب لشــرعنـة تـدخـلة المبـاشـر فـي ســوريـة لست بالشيء الجـديـد , وكـذلك هـي زوبعـة الاســلحـة الكيميـاويـة والتخـوف مـِنْ اســتخدامهـا , الـتـي طـالمـا تـم اجـتـرارهـا ســابقـا ,
وعــادت الـى الـواجهــة مجـددا , لايتعـدى كـونهـا قـنـابـل صــوتيـة ومـزايدات رخيصـة , المـراد مـِنْ وراءهــا , اعطـاء زخـم الـى الجمـاعـات الارهـابيـة المســلحـة , والتغـطيـة عـلى الخســائـر التـي تـكبـدتهـا , وزالت تتكـبدهـا كـل يـوم , فالضـربـات الموجعـة التي يـوجهـا لهـا الجيش العربي الســوري , ألـزمـت حـلفـائهـم الغـربيين والعــُربان والاتـراك , للبحـث لهـم عـن وسـيلـة لـرفـع المعنـويـات وحـرق المـراحـل , ومثـل هـذة التصـريحـات والتحـذيـرات والانـذارات , التي تجـتـرهـا واشنطـن ولنـدن وباريس وبـرليـن , ومعهـم رهـط الـذيول العربانيـة , والتقـاريـر الاعـلاميـة المقصـودة والمدســوسـة , مـاهـي إلا بـروبـاغـنـدا ســـياسيـة تـؤسس لســياقيـن اولهمـا , التغطيــة عـلى فشــل , والآخـر , التحـضـيـر لعمـل عســكـري , ولـكـن يبقـى هـذا العمـل حـتـى وإنْ كـان محـدودا , فهـو ســاقـط ومنـدحـر وموؤد ســلفـا , لأنـه ســيعطـي حـلفـاء ســوريـة الفـرصـة الـذهـبيـة لـلـرد المبـاشـر , والتخـلـي عـن لغـة الدبلـومـاسـيـة , ودخـول اللعبـة مـِنْ اوســع ابـوابهـا , وعــنـدهـا ســتكـون المواجهــة عـلنيـة , او كمـا يقـال ( طـك بـطـك ) ولا تحـتـاج لغطـاء ومناورات , وهــذا مـا تخشــاه امـريكـا وحلفـائهـا , خصـوصـا وإنَ اســـرائيـل اصبحـت تحـت مطـرقـة مـدى صــواريـخ حـزب الله وايـــران , وكـذلك هـو حـال تــركيـا , فـإنَ بطـاريـات صــواريخ بـاتـرويت الأطـلســية , فمـصـيـرهـا ســوف لا يكـون احسـن حـالا مـِنْ مصـيـر صـواريـخ القبـة الحـديديــة الاســرائيليــة , التي هـزمتهـا صــواريـخ فجـر 5 الايـرانيـة فـي حـرب غــزة الاخـيـرة .
قـلنـاهـا فـي بـدايـة الأزمـة الســوريـة , ونـكـررهـا اليـوم , ولا يهمـنـا مـا يتـقـوله الخـائبيـن ,واصحـاب العـاهـات الفكـريـة ,والـقـابعيـن تحـت اعـراض ســن اليـأس و انقطـاع الطمـث السـياسي والاخـلاقـي , إنّ دمشق لست بغـداد , وســوريـة لست ليبيـا , وثـمـن أي عـدوان خـارجـي وتدخـل عسكـري مباشـر فـي ســوريـة , سيـكـون غـاليـا وســيـدفـع الجميـع نـتـائج وتـداعيـات حمـاقتـه ,وســيـكـون اكثـر مـِنْ كـارثيـا عـلى المنطقـة والعـالـم , وهـذا لست بكـلام انشـاء , وحمـاسيات ثـوريـة , وخطـابات رفـع معنـويـات , فالجيش العـربي السـوري فـي قمـة معنـويـات رجـالاتــه , والشعب السـوري مؤمـن بقضيتــه ويقف وراء قيـادتــه وجيشــه , ولا يهـم تســاقط الاوراق الصفـراء , واهـتــزاز الاغصـان الخـاويـة وانكســارهـا , فـطـريق الحـق مـوحــش لقلـة ســـالكيـة , قالهـا ابـا الحسن عـلي ( ع ) وصَــدقْ وهـو العـالــم الصـدوق .