صفقة السلاح الروسي وفساد البنك المركزي
من أهم مطالب الشعب العراقي وعلى مر تلك السنين العجاف التي مضت في ظل حكومات مؤقتة ودائمة , هو توفير العيش الرغيد حاله حال باقي الشعوب سوى كانت عربية أو عالمية , كون العراق لديه ثروات هائلة لا تمتاز بها البلدان الأخرى , ولمقارعته حكم نظام صدام لأكثر من خمس وثلاثون عاما , لديه الحق في ان يحظى بحكومة تنصفه وتمحي غبار السنين المظلمة عنه .
فدخل هذا الشعب معتركات سياسية كثيرة لأجل اثبات وجوده وإيصال طموحاته لكل العالم بانه شعب يريد الحفاظ على ما تحقق من ايجابيات واستثمارها لمصلحته ومصلحة البلد . ولكن سرعان ما تلاشت احلامه الوردية ليعود الى سابق عهده كشعب ضعيف هزيل لا يقوى على قول كلمة (( لا )) للفساد ,للظلم ,للمحاصصة ,للطائفية ,للمحسوبية والمنسوبية ,للفئوية والتحزب المقيت , كل تلك الصفات السلبية اصبحت جاثمة على صدر الشعب العراقي في ظل سياسيو اليوم وتغلغلهم وتمركزهم في قلب مؤسسات الدولة لكي يبنوا جدار من فلاذ لا تستطيع اختراقه تغييرات الزمان السياسي , وهم الان اصبحوا صناع القرار السياسي الذي يوفر كل سبل العيش الكريم لهم ولذويهم على حساب الشعب الجائع .
الفساد أن وجد وتفشى في أي دولة من دول العالم لا تستطيع تلك الدولة النهوض , حتى وان كرست لها كل الإمكانات المادية والبشرية , وللاسف الشديد ان عنوان الدولة العراقية بعد التغيير هو ” الفساد ” بكل أنواعه المادي , والإداري , والأخلاقي … الخ .
صفقة السلاح الروسي التي حاولت الحكومة العراقية التعاقد عليها قد فاحت منها رائحة الفساد والعمولات لبعض ساسة العراق وقادته , مما اضطرت الجهات المعنية من وقف عجلة ابرام عقود شراء السلاح من روسيا , وانبثقت لجنة تحقيقية مختصة تحاول كشف أوراق اللعبة القذرة ومن وراء تلك الشبهات ليفتضح امره في سوق السياسة , ومن ثم خروجه او هروبه خارج العراق , هذا ما تعودنا عليه من سيناريوهات كبيرة وكثيرة للفساد انتهت بهذا الشكل دون محاسبة الفاسد وتقديمه الى العدالة لينال جزائه العادل .
الملفت للنظر هو ان تلك القضية قد اخذت صداها الواسع وتناولتها جميع وسائل الاعلام , مع ان الحكومة وعلى راسها رئيس الوزارء قد قدموا حجج كثيرة على ان الصفقة لم تتم وتم تغيير اللجان واستبعاد اللجنة الاولى التي البستها تلك الصفقة ثوب الفساد , وتم اعادة النظر في عقود شراء الاسلحة الروسية ماديا ونوعيا .
مع كل تلك المبررات لم يكف الاعلام العراقي والاقليمي من العزوف عن تناول هذه القضية , متناسيا تماما ما حصل قبل فترة قصيرة لاكبر عملية فساد شهدها العراق في تاريخه بل تعتبر جريمة بحق الانسانية الا وهي ( قضية البنك المركزي العراقي ) , تلك الكارثة التي وان دلت تدل على حجم العراق السياسي الضعيف ونقص كبير في دور مؤسساته الحيوية وتفشي ارهاب الدولة , والفساد المالي والاداري وتجار السياسة والدم معا
. فساد مالي وادراي كبير يقوم به بعض صناع القرار السياسي يوميا في بيت المال العراقي , مستغلين نفوذهم الحزبي والسياسي من اجل مكاسب مادية تفوق حدود التصور متجاهلين تماما معاناة هذا الشعب , ان الامر وصل الى هذا الحال سرقة قوت واموال الشعب وايداع مئات الملايين من الدولارات في بنوك الخارج , وترك الشعب يتلوى من غدر الحكومات والزمان القاهر .
لم يسلط الضوء بشكلا مباشر على تلك الفضيحة من قبل الاعلام او الراي العام , رغم ان وجوه الفساد معلومة ولا تحتاج الى لجان تحقيقية او ما شابه ذلك .
لم التفاعل مع القضية الاولى وتجاهل التام للثانية , هل بسبب ان القضية الاولى تحمل في طياتها التسقيط السياسي كسمة غالبة , وان القضية الثانية قد سويت من الاطراف المعنية تحت عنوان (حرب الملفات )
. أتمنى على القارئ العزيز أن يفهم ما يدور من حوله وان يتعظ جيدا من تلك المواقف التي مرت به خصوصا ونحن مقبلون على انتخابات مجالس المحافظات التي ومن خلالها ستطرح نفس الوجوه للترشيح , مستخدمي العبارات ذاتها والمانشيتات التي تغرر بالمواطن العراقي لكي يصبح فريسة سهلة بيد صيادها .
لنقول كلمتنا ولنُسمع العالم بأسره صرختنا المدوية ضد الفساد والمفسدين ونُمتع أنفسنا في التفكير بالمستقبل , لآننا ليس اقل شئنا من باقي الشعوب التي حررت نفسها بنفسها وهي تحاول جاهدة ان تعزز موقفها من حكوماتها لبناء مستقبل مزدهر رغم ضعف الإمكانات .