وسط أنزعاج تركي : واشنطن تعيد تشكيل “المعارضة السورية” أنطلاقا من الدوحة
«حكومة فورد ـ سيف»
قبل الدخول في أبعاد تبني أميركا لخطوة مماثلة، تجدر العودة إلى تفاصيل هذه المبادرة التي قد تحمل الكثير من المؤشرات في هذا الصدد.
بداية، سيشارك في الاجتماع عشرات من القادة المعارضين ومسؤولي لجان التنسيق بحضور السفير الأميركي في سوريا روبرت فورد. وسيضم المجلس الجديد 51 عضواً بحسب مصدر مطلع لصحيفة «الغارديان» البريطانية أوضح أن اسم رئيس الوزراء المنشق رياض حجاب سيكون مطروحاً لدخول الهيئة القيادية، إضافة إلى ثلاثة من أعضاء «المجلس الوطني الكردي» وهيثم مناع من «هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديموقراطي».
وأفادت معلومات عن توجه رياض حجاب ورياض سيف وبسمة قضماني وسهير الأتاسي إضافة إلى 12 آخرين للمشاركة في اجتماع الدوحة أمس بعد إنهاء اجتماعهم في الأردن.
ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤولين أميركيين توقعهم أن يحضر اجتماع المعارضة السورية نحو 50 من ممثلي المعارضة، أغلبهم من داخل سوريا. وسيتم اختيار مجلس تنفيذي يتضمن بين 8 و 10 أعضاء ستكون مهمته العمل مع الحكومات الأجنبية بشكل مباشر حول المسائل العملية مثل تقديم وتوزيع المساعدات الإنسانية، شرط أن يكونوا من التكنوقراط وليسوا أعضاء في المجلس الجديد.
وكانت واشنطن قدمت قائمة للشخصيات والمنظمات السورية التي تعدّ مرشحة للدخول في الهيئة القيادية الجديدة، في وقت خضعت مشاركة المجلس الوطني الحالي فيها لنقاش واسع. وسربت مصادر أجنبية وعربية لمجلة «فورين بوليسي» معلومات تكشف مشاركة المجلس الوطني بـ15 عضوا.
وبحسب المصادر، ترى الإدارة الأميركية أن المجلس الجديد قد يتحول إلى حكومة انتقالية قادرة على التفاوض مع المجتمع الدولي أو حتى مع النظام السوري الحالي. ويطلق المسؤولون الأميركيون على المبادرة اسم «خطة رياض سيف» في إشارة إلى رجل الأعمال والعضو السابق في مجلس الشعب السوري، الذي يرجّح أن يكون شخصية محورية في هذا التنظيم الجديد.
تفصيل آخر بخصوص المشروع لفتت إليه صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية هو التوقيت الذي جاء فيه الاجتماع أي بعد يوم على انتخاب الرئيس الأميركي، وهو أمر، بحسب معلومات مسؤولين للصحيفة، تعوّل عليه واشنطن أن يكون مؤشراً على أن القضية ليست لـ«الاستهلاك الانتخابي» كما جرت العادة. كما نقلت الصحيفة عن محللين عسكريين توقعهم بان تسمح هذه الخطوة لأميركا بتعزيز انخراطها العسكري في سوريا عبر توفير الأسلحة المضادة للطائرات.
«إنهم يسرقون الثورة!»
انقسم المعارضون لتشكيل جبهة معارضة جديدة، والرافضون بشكل قاطع لـ«حكومة فورد ـ سيف» الوليدة، إلى قسمين:
وفقاً لعبد الله، الذي ابتعد عن السياسة وتفرّغ للأعمال الإنسانية وتوثيق الانتهاكات حسب قوله: «بعد أن اكتشف المجتمع الدولي أن المجلس الوطني يتبنى مطالب الثورة كاملة ويطالبه بمطالب محرجة بالتدخل في سوريا وحماية المدنيين بدأ يشكل عبئاً كبيراً عليه، فقرر تجاوزه وإنهاءه».
ويضيف: «سمحت حالة الترهل في صفوف المجلس الوطني، وغياب الشفافية وانعدام الممارسة الديموقراطية في صفوفه بإضعاف صورة المجلس في عيون السوريين وإعطاء الفرصة الذهبية للمجتمع الدولي».
كما سارع رئيس المجلس الوطني السوري عبد الباسط سيدا أمس إلى ردّ الاتهامات لكلينتون، محملاً المجتمع الدولي مسؤولية «تواجد التطرف في سوريا» نظراً لـ«عدم دعم الشعب السوري».
وبموازاة ذلك، كثرت التحليلات والردود التي انتشرت على صفحات التواصل الاجتماعي من معارضين، بعضهم لم يدع للاجتماع، والبعض الآخر كان تلقى دعوة، اعتبروا أن أميركا تبحث عن مصالحها وتحاول سرقة الثورة والالتفاف عليها، وتاريخها يشهد على ذلك في لبنان والعراق وتونس ومصر…
تركيا منزعجة أيضاً!
يبدو أن الأمور ليست على أحسن ما يُرام بين تركيا وأميركا اليوم، كما يظهر واضحاً التخبط التركي المستمر في مستنقع الأزمة السورية. وتشير المعلومات الآتية من أنقرة إلى أن الحكومة التركية قلقة من المشروع الجديد لأنها سبق واستثمرت جهودها في المجلس الوطني الحالي الذي سيلعب دوراً محدوداً في المجلس الجديد.
وفيما أعرب مسؤولون أميركيون عن أملهم في أن تستقبل أنقرة الهيئة الجديدة للمعارضة السورية في نهاية المطاف، يصر الأتراك على أن الأخيرة لا يمكن أن تعدّ بديلاً من المجلس الحالي بأي شكل.
وأوضح الباحث والكاتب التركي محمد زاهد غول لـ«السفير» أن أنقرة لا تنسجم مع الكلام عن بديل للمجلس رغم وجود بعض الإشكاليات حوله، لأنه من غير الممكن النجاح في ذلك.
ويعترف غول، المقرّب من النظام، أن المجلس الوطني لا يمثل الأطياف كافة، ولكن ولادته استغرقت مخاضاً طويلاً، وأي طرح آخر لا بدّ أن يمر في المرحلة ذاتها التي مرّ بها المجلس.
«هيئة التنسيق»: لم ندع إلى مؤتمر في الدوحة
نفى المتحدث باسم هيئة التنسيق الوطنية المعارضة في سوريا منذر خدام، أمس، أن تكون الهيئة أو شخصياتها قد تلقت أية دعوة للمشاركة في مؤتمر المعارضة المزمع عقده في الدوحة الأسبوع المقبل، مشيرا إلى أن المؤتمر يهدف لمناقشة ما يعرف بمبادرة رياض سيف لتشكيل حكومة انتقالية تنوب عن الانقسام في صفوف المعارضة
.
وقال خدام، إن الهيئة «لم تدع كما لم تستشر بالمؤتمر» المذكور، «كما لم تناقشه أية جهة معها».
وأعلن خدام أن معلوماته هذه هي حتى صباح أمس، مشيرا إلى أن وفدا من الهيئة وشخصيات أخرى معارضة، بينها المنسق الخارجي للهيئة الحقوقي هيثم مناع والباحث عارف دليلة يزورون الآن مدريد بدعوة من الخارجية الاسبانية.
ويتضمن جدول المدعوين المعلن على شبكة الانترنت شخصيات كحسن عبد العظيم المنسق العام للهيئة ولكن بصفته أمينا عاما لحزب الاتحاد الاشتراكي، ومسؤول الخارج المعتقل في هيئة التنسيق عبد العزيز الخير ولكن بصفته من حزب العمل الشيوعي، الأمر الذي يعني تجاهلا للهيئة التي تضم في صفوفها عدة أحزاب وقوى.
ويرى خدام أن المؤتمر يهدف لمناقشة ما يسمى بمبادرة عضو إعلان دمشق المعارض رياض سيف، والتي تهدف باختصار «لتشكيل حكومة انتقالية موسعة» تعوض عن ضعف المجلس الوطني السوري، كما تحاول إشراك عناصر ذات علاقة بالداخل.
ووفقا لقناعة خدام «فإن المبادرة حيكت بأياد غير سورية للأسف».
ويشرف على الاجتماع المقبل سلطات الدوحة، كما السفير الأميركي في دمشق روبرت فورد، الذي قالت مصادر ديبلوماسية غربية إنه «المنسق الفعلي للمبادرة» الجديدة لتوحيد صفوف المعارضة.