“فقاعة القطاع”.. يديعوت: أهل غزة يسالون: ماذا يكون أمرّ من الموت؟والجواب هو : العيش في غزة
نشرت صحيفة ” يديعوت احرنوت ” العبرية اليوم الخميس مقالا بعنوان “فقاعة القطاع” وجاء في نص المقال: “تحولت احتفالات نصف اليوبيل بانشاء حماس عندنا الى حملة لكن على الردع الاسرائيلي الذي ضاع بعد عملية “عمود السحاب”. هذه سخافة مطلقة.
فلا صلة بين حماسة المتحدثين في غزة وبين الواقع الذي عاد اليه الفلسطينيون في غزة بعد نهاية العملية، والفلسطينيون في الضفة بعد التصويت في الامم المتحدة. اذا كان أحد ما يزعم ان حماس بعد “عمود السحاب” كان يجب ان تزحف على أربع وتطلب الغفران فانه يتلاعب بمفهوم “الردع”. لأن الردع في الحرب للمنظمات الارهابية لا يشبه ردع دولة وكذلك الحال فيما يتعلق بمفاهيم كـ “الحسم” و”الانتصار”. ليس عند قادة حماس أوهام فيما يتعلق بقدرات الجيش الاسرائيلي. فقد تحدث بعض المتحمسين على المنصة في غزة بصورة تختلف تماما في خلال عملية “عمود السحاب” وقُبيل نهايتها في الأساس.
وكان هناك خوف حقيقي من ان يغزو الجيش الاسرائيلي القطاع. وآمن قادة حماس ان صبر اسرائيل يوشك ان ينفد ولهذا وجهوا القوات الى الكف عن تنفيذ تلك التحرشات التي لن تتحملها اسرائيل بحسب فهمهم. هذا ما كان ايضا في 2003 حينما أمر الشيخ ياسين محمد ضيف الذي كان آنذاك كما هو اليوم رئيس الذراع العسكري لحماس – ان يكف عن اطلاق الصواريخ البعيدة المدى على اسرائيل. وخشي ياسين من نتائج موجة الاغتيالات المُركزة التي فقدت المنظمة في اثنائها جزءا لا يُستهان به من قيادتها السياسية والعسكرية العليا. هل نبع توجيه ياسين من ردع اسرائيلي؟ الجواب نعم. هل شعرت حماس آنذاك بأنها مهزومة تزحف على بطنها؟ الجواب لا. وهل دام ذلك الردع زمنا طويلا؟ الجواب هنا ايضا لا.
في العملية الأخيرة، وفي عمليات سابقة لم تردع اسرائيل محارب حماس العادي ولا قادة كتائبها ولا القيادة العليا في الميدان. ولم يترجم الجمهور الفلسطيني في غزة خيبة أمله ومعاناته الى غضب على سلطة حماس. وقد تعودوا في غزة ان يسألوا في تهكم: ماذا يكون أمرّ من الموت؟ والجواب: العيش في غزة. ولهذا لا يوجد هناك ذلك العنصر من الخوف من اسرائيل، فما الذي يخسرونه؟.
في قيادة حماس العليا في المقابل يختلف الأمر تماما. يجب ان نأخذ من خطب مشعل المتحمسة ما يهمه حقا ويجب على اسرائيل ان تضغط على نقاط الضعف هذه لتترجم انجازات “عمود السحاب” الى ردع متواصل. فقد أعلن مشعل مثلا ان الخطوة التالية هي رام الله. فحماس تطمح الى ان تصبح الحركة السياسية والاجتماعية الرائدة في المجتمع الفلسطيني، أي ان تسيطر على م.ت.ف، وهذا قبل ان “يحتلوا” ارض اسرائيل بكثير. والترجمة العملية لهذا الطموح هي الحفاظ على سلطة حماس في غزة وتقويتها وتوسيعها لتشمل الضفة. ليس صدفة ان سمحت اسرائيل لمشعل بدخول غزة.
انه متطرف حقا لكن عنده البراغماتية لمن يتجول في حلقات دولية وهو ما لا يوجد عند القيادة في غزة. وهو يعلم ان ليس لحماس قدرة على ان تغلب الجيش الاسرائيلي ولهذا أوضح لطلبة الجامعة في جامعة غزة ان هناك زمانا للقتال وآخر للهدنة. وهو يفهم جيدا ان عملية برية اسرائيلية في القطاع ستفضي الى ضياع الأملاك التي تُثبت وتعزز سلطة حماس في غزة. ولهذا فان ما تفعله اسرائيل اليوم في المحادثات في القاهرة هو ان تنشيء لحماس أملاكا اقتصادية كي يصبح عندها كثير مما تخسره.
كانت حماس ستجري مهرجانا احتفالا بمرور 25 سنة على وجودها سواء أكانت مرغمة الأنف أم لا. وهي تحتفل قبل كل شيء بانتصار في الساحة الفلسطينية وفي الساحة العربية العامة. وهي تحتفل بحقيقة ان القيادة في اسرائيل جمعت شيئا من العقل وقررت ان تسقط بعض عناصر الحصار عن غزة. لكن مع كل الاحترام لاحتفالات حماس فان اسرائيل تمسك بالمُخنق منها، فهي تهدد أملاكها في غزة ولن تدعها تنمو في الضفة اذا لم تمنحها هدوءا أمنيا في مقابل ذلك.
وما بقيت قيادة حماس تعلم ان لاسرائيل القوة العسكرية والرغبة في تنفيذ عملية في غزة في الأساس زاد احتمال ان يثبت ردع “عمود السحاب”.