الخبيث” ديموستورا” في لبنان بمهمة خطيرة … وأوباما الجديد: يطالب بحكومة جديدة في لبنان
لم يقلّل «الدخان الأبيض» الذي تَصاعد من السباق الرئاسي الاميركي وأعاد باراك أوباما الى «البيت الأبيض» من قتامة المشهد اللبناني الذي كان لفّه «الأسود» من جديد مع اغتيال رئيس شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي اللواء وسام الحسن في 19 اكتوبر الماضي وما فجّرته هذه الجريمة من أزمة سياسية بات معها «رأس» الحكومة على المحكّ.
وبدا الاهتمام اللبناني بنتائج الانتخابات الاميركية كبيراً، نظراً الى التوقعات بان يكون «اوباما الولاية الثانية» مختلفاً في أدائه عنه في الأعوام الاربعة الماضية بعدما «تحرّر» من القيود التي حكمت اداءه في العامين الماضيين وكانت تتصل برغبته في تمديد ولايته، وهو ما يُنتظر ان يترك أثره على سلوكه لاسيما في الملفات الخارجية التي تصيب شظاياها لبنان مباشرة، وتحديداً الأزمة السورية، والملف النووي الايراني والقضية الفلسطينية.
واستوقف دوائر مراقبة في بيروت تحديد اوباما في «خطاب النصر» ملامح تعاطيه في المرحلة المقبلة ازاء الملف السوري وقضايا المنطقة اذ اشار الى «(…) مَن يقاتل في دول أخرى لمجرد نيل حقّ النقاش»، لافتاً الى «ان المهم أننا نريد الأفضل لبلدنا وأولادنا ونريد الوصول الى أمة هي الأفضل ويحميها أقوى جيش في العالم، وكذلك دولة تتحرك بثقة بعد عقد من الحروب لبناء سلام يقوم على احترام كل انسان».
ورغم ان هذا الكلام بدا امتداداً لمقاربة الادارة الاميركية لملفيْ سورية والقضايا الساخنة في المنطقة، فان دوائر ديبلوماسيّة ترتقب ان يشكّل انتهاء الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة مدخلاً لتزخيم واشنطن جهودها مع حلفائها لاحتواء الازمة السورية قبل انفجارها في المحيط «القابل للاشتعال»، وهو ما سيترك انعكاسات على الواقع اللبناني الذي بات عملياً «أسير» العاصفة السورية.
وكانت واشنطن حدّدت «خياراتها» ازاء الوضع المستجد بلبنان في ضوء اطلاق المعارضة، اي قوى 14 آذار، معركة اسقاط حكومة الرئيس نجيب ميقاتي لمصلحة حكومة حيادية تشرف على الانتخابات النيابية المرتقبة اواخر الربيع المقبل.
وجاء الاكثر تعبيراً عن موقف الولايات المتحدة الاتصال الذي تلقّاه رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط من نائب وزيرة الخارجية الاميركية وليم بيرنز (مساء الاثنين) والذي شكل حضاً اميركياً واضحاً للزعيم الدرزي على المساعدة في تغيير حكومة ميقاتي وتشكيل حكومة جديدة، الامر الذي شكّل اقوى اشارة اميركية الى عدم تمسك واشنطن بالحكومة وان هاجسها الفعلي ضمان التغيير من دون حدوث اي فراغ.
وفي «الوقت الضائع» عن ترتيب اوباما اوراقه «القديمة – الجديدة» للمرحلة المقبلة، بقيت بيروت محور اهتمام ديبلوماسي عربي وغربي، وهو ما تجلى في استكمال وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو محادثاته مع المسؤولين اللبنانيين في وقت أجرى نائب وزير خارجية ايطاليا ستيفان دوميستورا مباحثات تمحورت ايضاً حول الازمة المستجدة.
وفي اليوم الثاني لزيارته بيروت، أجرى عمرو لقاءات مع كل من رئيس الجمهورية ميشال سليمان وميقاتي ووزير الخارجية عدنان منصور وأحد المسؤولين في «حزب الله»، غداة الاجتماعات التي عقدها مع كل من رئيس مجلس النواب نبيه برّي والرئيس أمين الجميل ورئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة ورئيس تكتل الاصلاح والتغيير النائب ميشال عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، فيما أجرى اتصالاً بالنائب وليد جنبلاط الموجود في المختارة.
وقد شدّد عمرو خلال لقاءاته على أن تشكيل حكومة جديدة أمر متروك للشعب اللبناني، وأن مصر لا تفرض اي تُصوّر، بل تستمع الى ما هو موجود، وهي جاهزة للقيام بأي خطوة مفيدة للشعب اللبناني «اذا رأى الأخوة في لبنان أن هناك مصلحة في دور مصري».
وأوضح انه «لم يأت بمبادرة، وكل ما ادليت به هو التعبير عن النيات الطيبة واستعدادنا للقيام بدور»، مشدداً على أن «أي تعامل مع أي مشكلة في لبنان يجب أن تكون نابعة من الداخل اللبناني، ويكون هناك توافق بين الأخوة في لبنان».
واشارت تقارير الى ان الوزير المصري سأل بري عن تصوره للوضع في لبنان وسبل معالجته، فأبلغه رئيس البرلمان ان الواقع في لبنان حالياً يشبه حال رجل يريد ان يتزوج من امرأة، لكنهما لا يتكلمان مع بعضهما البعض، وكذلك هي حال أهل العروسين، ومع ذلك ينتظر الجميع من العروس والعريس أن ينجبا أطفالاً.. مضيفاً: «كيف يمكن الخروج من الأزمة الراهنة في لبنان، من دون حوار بين الأطراف الداخلية؟».
في موازاة ذلك، نوّه نائب وزير خارجية ايطاليا خلال لقائه الرئيس سليمان بـ «الجهود المبذولة لابقاء الساحة اللبنانية بمنأى عن أي تداعيات خارجية وأهمية استمرار التواصل والحوار بين القيادات اللبنانية من أجل ايجاد الحلول للمشكلات القائمة».
في غضون ذلك، شكّل الاجتماع الذي عقدته الامانة العامة لقوى «14 آذار» امس اشارة الى بدء تطبيع العلاقة بين هذه الامانة وبين حزب الكتائب بعدما كان خرج الى العلن الاشكال بين الجانبين خلال الاجتماع الموسع للمعارضة قبل عشرة ايام والذي اطلقت فيها وثيقتها السياسية للمرحلة المقبلة وقاطعه منسق الامانة العامة لـ 14 آذار فارس سعيْد والنائب السابق سمير فرنجية.
وقد اعلنت «الامانة العامة» في بيانها امس ان «رحيل الحكومة الحالية وتشكيل حكومة جديدة وفق الاطر الدستورية حل لا مفر منه»، موضحة ان «رحيل الحكومة وتأليف أخرى من شأنه توفير الاستقرار»، ومشددة على انه «لا مبرر لفزاعة الفراغ الذي يتم الحديث عنه».
واكدت ان 14 آذار «مصممة على مواصلة الضغط والمقاطعة النيابية لما يتصل بمشاريع الحكومة»، وحيت «مواقف رئيس الجمهورية السيادية»، معتبرة ان «الحكومة البديلة ينبغي ان تكون في هذه الفترة تحديدا ليست من قوى 8 او 14 اذار».< p>< div>