القاعدة لا قاعدة لها
ما بُنيَّ على باطل فهو باطل, وما بنته أمريكا من قواعد وثكنات وأوكار وجيوب ومافيات طائفية في السر والعلن هو الباطل بعينه, فالباطل باطل بغض النظر عن الواجهة الجهادية المزيفة التي يتستر خلفها, ورحم الله الشاعر لبيد بن ربيعة العامري, الذي قال في مطلع قصيدته التي نسجها بعد إسلامه:
ألا كُلُّ شيءٍ ما خلا اللهُ باطِلُ
لقد تحول تنظيم القاعدة إلى ماركة مسجلة لمنتجات صناعة الموت والدمار, وصارت القاعدة هي الغطاء التسويقي لكل العمليات الإرهابية, التي يراد منها تشويه صورة الإسلام والمسلمين, حتى باتت (مظلة القاعدة) هي المظلة التي تستظل تحتها المجاميع المسلحة المتشددة لتمرير أفكارها الخبيثة الداعمة للتطلعات الأمريكية التوسعية, من خلال تبنيها لكل المواقف التي تضيف الرياح القوية للمهزلة, وأصبح الناس على قناعة تامة من تناغم أنشطة القاعدة مع أنشطة الناتو أو البنتاغون, فوجود تنظيم القاعدة يبرر سلوكيات أمريكا بذريعة مكافحة الإرهاب, وبالتالي فإن واشنطن في أمس الحاجة لبقاء القاعدة في المخابئ الغامضة لكي تحافظ على سوسيولوجيا الخوف, التي تخدع بها الرأي العام العالمي, فالقاعدة تعمل بالأساس لصالح القوى الشريرة, وهكذا فإن تنظيم القاعدة هو أفضل من أدى دور العدو الايجابي الذي خدم التوجهات الأمريكية بشكل مباشر أو غير مباشر. .
فالمنطق العقلاني يقول: إن أسامة بن لادن خدم المصالح الأمريكية سواء أكان مجنداً بشكل مباشر أو غير مباشر, وجاءت مسرحية مقتله في أعقاب الأحداث الدراماتيكية التي عصفت بالعواصم العربية الجمهورية, واستثنت العواصم العربية الملكية, فكان الربيع البترولي (الربيع العربي) هو الجسر الذي عبرت فوقه التنظيمات الإسلامية المرتبطة بعلاقات ودية مع البيت الأبيض, فظهرت علينا أمريكا فجأة لتقول لنا بأنها اكتشفت مؤخراً إن المافيات الطائفية المسلحة لم تعد متوحشة مثل السابق, وإنها تخلصت من شكوكها القديمة ولم تعد تخشاهم, وستوفر لهم الدعم الكامل وتقدم لهم السلاح والعتاد لتساعدهم في المضي قدما نحو تنفيذ أجندتهم الفوضوية التكفيرية في العالم العربي. .
فالقاعدة الآن تقضي بوجوب قيام تنظيم القاعدة بتلقي المساعدات المغرية من أمريكا نفسها, ما يعني إن تنظيم القاعدة لم تكن لديه قاعدة فقهية ثابتة في المواجهات الحقيقية مع الذين كانوا يسمونهم (معسكر الشر), و(جند الشيطان), و(أعداء الحق), وإنها دخلت معهم الآن في شراكة تحالفية ميدانية طويلة الأمد. .
http://www.youtube.com/watch?
http://www.youtube.com/watch?
فالقاعدة لا قاعدة لها, وليس أدل على ذلك من تجحفلها اليوم مع الفلول الأمريكية المتغلغلة في بعض العواصم العربية, فقد ظهر (الظواهري), الزعيم الجديد للقاعدة, في خطاب بثته قناة (السحاب), حث فيه سراياه (الجهادية) ليأخذوا دورهم في الإطاحة ببعض النظم العربية (الجمهورية فقط), وجاء خطابه متزامنا مع زيارة (هيلاري كلينتون) لمصر, وتحدثها مع نخبة من الإخوان المسلمين باللهجة التي تحدث بها (الظواهري), فالهدف المشترك الذي يربط القاعدة بالبنتاغون هو العمل على إثارة الفوضى والقلاقل في المدن العربية الآمنة. .
ظهر الظواهري هذه المرة أنيقا نظيفا مسترخيا, وكأنه من أمراء روسيا القيصرية في قصورهم المهيبة الفاخرة, كانت صورته مختلفة تماما عن صورته (الجهادية) القديمة في كهوف كندهار, ظهر وكأنه فقد ذاكرته متجاهلا وعوده وتهديداته بنقل المعارك إلى عقر الديار الأمريكية, باعتبارها من الإستراتيجيات الثابتة التي آمن بها تنظيم القاعدة في محاربة (الكفر) منذ نشأته, فظهر على حقيقته مؤيدا داعما للتطلعات الأمريكية الرامية إلى نقل المعركة إلى الديار العربية والإسلامية, ما يوحي بأن القاعدة لا قاعدة لها, فحيثما وجدت القاعدة وجدت الأطماع الأمريكية. .
لو عدنا قليلا إلى الوراء لوجدنا إن تنظيم القاعدة نشأ أول مرة في أوكار جهاز المخابرات المركزية الأمريكية لمواجهة المد السوفيتي في أفغانستان, ثم استعانت به أمريكا بعد رحيل السوفيت لتشويه صورة الإسلام والمسلمين, وتسويق الفوضى الخلاقة, وارتكاب المجازر باسم الدين بقصد الترويج لثقافة العنف وزعزعة استقرار المدن العربية والإسلامية. .
والله يستر من الجايات