السعودية على “صفيح التوريث” : ملك واهن وعليل ، وولي عهد يعاني ضعف الذاكرة ، وجيل ثالث متصارع سرا!

تكلّلت العملية الجراحية التي أُجريت للملك عبدالله بن عبد العزيز، البالغ من العمر 88 عاماً، في الظّهر بالنّجاح، ولكن القلق لا يزال يُساور الأوساط الغربية حول مستقبل الدّولة النّفطية العملاقة وحول ضرورة تسليم المشعل إلى “الجيل الثّالث” من أحفاد الملك المُؤسّس عبدالعزيز آل سعود، في ظلّ الوفيات المُتتالية وسط العائلة الكهلة الحاكمة في السعودية.

فقد أعلن الديوان الملكي السعودي أنه “تمّ تثبيت التراخي في الرابط المثبت أعلى الظهر” خلال العملية الجراحية التي اجريت للملك عبدالله السبت في مستشفى بالرياض وأن “العملية تكللت بالنجاح”.

وسبق أن أجريت للملك عبدالله عملية جراحية في ديسمبر/كانون الأول 2010 في نيويورك لتثبيت عدد من فقرات الظهر استكمالاً لعملية سابقة أجراها في نوفمبر/تشرين الثاني من نفس السنة بعد معاناة من انزلاق غضروفي. كما خضع في أكتوبر/تشرين الاول من العام الماضي بالرياض لجراحة لتثبيت الأربطة المحيطة بالفقرة الثالثة في العمود الفقري.

وهذه هي العملية الرابعة التي تُجرَى للعاهل السعودي منذ تولّيه مقاليد الحكم سنة 2005 خلفا للملك فهد بن عبدالعزيز الذي أصيب في 1995 بجلطة استلزمت خُضوعه للعلاج عدة فترات وتطلّب البعض منها السفر إلى الخارج قبل أن يدخل المستشفى في 27 مايو/آيار 2005 إثر أزمة صدرية، ليُعلن عن وفاته في الأول من أغسطس/آب من نفس السنة. ومنذ سنة 1995 تولّى الأمير عبدالله، ولي عهده آنذاك، إدارة معظم شؤون البلاد اليومية وأصبح الملك الفعلي.

ولم يصدر الديوان الملكي السعودي هذه المرة بياناً قبل أو بعد إجراء العملية الجراحية يفيد بتولي الأمير سلمان، ولي العهد، مقاليد الحكم في البلاد في فترة نقاهة الملك عبدالله، ما يدل على سهولة العملية التي أجريت في ظلّ أوضاع إقليمية خطيرة.

ومن الأرجح أن لا يتكرّر حاليا على الأقل نفس السيناريو، عندما قاد السعوديين ملك غير متوّج، علما بأن الأمير سلمان، الذي يبلغ من العمر 77 سنة، يُعاني هو بدوره من صحة هشّة. وممّا يُضاعف من القلق ما كشفت عنه مؤخّرا نشرة “إنتلجنس أون لاين” الفرنسية المتخصّصة في الشؤون الاستخباراتية، من أن “الأمير سلمان يعاني من بداية أعراض مرض ألزهايمر وقد أصيب في الماضي بأزمة قلبية ولم يستعد تماما القدرة على استعمال يده اليمنى”.

ويعتبر العارفون بالشّأن السعودي أن وفاة الأميرين وليي العهد سلطان ونايف تباعا في أقل من سنة مقدمة لإعادة توزيع الأوراق والانتقال المحتوم من مسنين يعانون المرض إلى “الجيل الثالث” من أحفاد الملك المُؤسّس.

ويتّفق المُحلّلون الغربيون على أن تعيين الأمير محمد بن نايف وزيرا للداخلية -وهو شاب يافع يُشهدُ له بالكفاءة والنجاح في مكافحة الإرهاب- له أكبر الحظوظ للوصول إلى العرش.

فقد نقلت الفينانشال تايمز عن عبدالعزيز القاسم، المُحلّل السياسي في الرياض، قوله ان “الشيء الأكثر أهمية” في قرار الملك عبدالله تعيين الأمير محمد وزيرا للداخلية كان “حدا فاصلا وفق المعايير السعودية، حيث أنه كسر قاعدة الأقدمية وقد يعني هذا أن الملك ينوي الدّفع بالجيل الثالث إلى المقدمة”.

وقال المُحلّل الألماني في صحيفة “فيلت” ديتريخ ألكسندر تحت عنوان “أكبر عدو للقاعدة ينتظر دوره ليصبح ملكاً” أن الأمير محمد “الذي كان وزير الداخلية الفعلي في عهد أبيه الراحل نايف، هو من جيل الأحفاد الذين يتزاحمون للوصول إلى السلطة. لكن تعيين عدو القاعدة الأساسي في السعودية في منصب حساس كهذا يعني زيادة حظوظه في الوصول إلى العرش السعودي”.

http://www.welt.de/politik/ausland/article110679814/Al-Qaidas-groesster-Feind-wird-Koenig-im-Wartestand.html

ونقلت عدة صحف بريطانية عن مراقب الشؤون السعودية، المُخضرم سايمون هندرسن قوله أن “أهمية الخطوة المفاجئة بتعيين الأمير محمد بن نايف وزيرا للداخلية أنه الأول من جيل الشباب في آل سعود الذي يمنح واحدة من الوظائف العليا في المملكة، الأمر الذي يمكن اعتباره مؤشرا جيدا للخلافة المستقبلية المحتملة” وأن “وظيفة وزير الداخلية القوي للأمير محمد بن نايف يمكن أن تكون نقطة انطلاق للعرش”.

أما الكاتب الفرنسي جورج مالبرونو، فقد قدم في صحيفة لوفيغارو عدة تفسيرات لتعيين الأمير محمد، منها أولا “خبرته الطويلة في مكافحة الإرهاب حيث أنه كانت له اليد الطولى خلال السنوات الأخيرة في ملاحقة نشطاء القاعدة الذين زعزعوا المملكة بسلسلة من الاعتداءات بين 2002 و2004 وكانوا أيضا وراء محاولة اغتياله هو نفسه في 2008 عندما اقترب منه إرهابي يحمل متفجرات في أحشائه”.

وأضاف مالبرونو أن “السعودية تواجه، من جانب آخر، تهديدا مزدوجا: داخليا تعززه احتجاجات الأقلية الشيعية في المناطق الشرقية إضافة إلى بقايا خلايا القاعدة التي تستخدم اليمن كملاذ لها، وخارجيا بسبب موقفها البارز ضد الرئيس بشار الأسد وضد حلفائه الإيرانيين والشيعة اللبنانيين من حزب الله”.

واختتم الكاتب بالقول “لهذه الأسباب رفع الملك عبدالله عضوا مؤثرا وجريئا من الجيل الجديد إلى مستوى وزير”.

Similar Posts

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *