السعودية تدخل المحظور: بعد تدهور صحة الملك وعلى مابعد الملك!!
كشفت صحيفة العرب “اللندنية” عن التكهنات حول صحة العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وابرزت قراءات النخب السعودية حول المملكة ما بعد الملك عبدالله والكيفية التي سيكون عليها شكل المرحلة المقبلة في ظل متغيرات كثيرة على الصعيدين الداخلي والخارجي.
وقالت الصحيفة في تقرير بعددها الصادر الاربعاء “تتوجّه أنظار السعوديين إلى الجناح الخاص في مدينة الملك عبدالعزيز الطبية للحرس الوطني بالرياض حيث ينتظرون بقلق بالغ ما يرشح من معلومات عن صحة ملكهم عبدالله بن عبدالعزيز”.
ومرت ساعات طويلة كانت الأخبار نوعا ما مطمئنة، لكنها غير مشبعة لنهمهم في الحصول على “ما يريح البال”، خاصة حول ما بعد العملية الجراحية التي تمت من أجل تثبيت التراخي في الرابط المثبت أعلى ظهر الملك عبدالله.
وتخوف السعوديون لا يتوقف فقط حول نجاح العملية بل في قدرة الملك عبدالله على الخروج من التخدير دون مضاعفات تؤثر عليه نتيجة لسنه المتقدمة.
وقد يطمئن البعض منهم نفسه أن الملك عبدالله صاحب جسم رياضي اعتاد ركوب الخيل وممارسة الرياضة. لكنهم يدركون أن للسن أحكام وللجسد حدود.
وعلى الجانب الآخر من قصة الانتظار ابرزت “العرب” التي تصدر من العاصمة البريطانية منذ عام 1977، قراءات النخب السعودية حول المملكة ما بعد الملك عبدالله والكيفية التي سيكون عليها شكل المرحلة المقبلة.
وقالت “قد يطمئن البعض أن الصولجان سيقع دون عسر في يد الأمير سلمان بن عبدالعزيز. لكن الأهم هو من سيكون ولي العهد بعد أن تم التخلي عن الأمير أحمد في مفاجأة أرقت الكثير. وماذا عن التخوف من الدخول في مرحلة الجيل الثالث دون أن تستعد البلاد وقبل ذلك الأسرة المالكة لاستحقاقات هذه المرحلة التي صارت تفرض نفسها بقوة”.
وظل السعوديون عقودا وهم يعلمون أن أبناء الملك عبدالعزيز سيكونون ضمانة استقرار تستطيع عبرهم المملكة إبقاء وحدة أراضيها وأمنها وتطورها على أساس ثابت ومتنام.
ويخشون من أن يعيد التاريخ نفسه وتقع العائلة في فخ الخلافات والانقسامات فتذهب ريح حكمهم كما حدث في عام 1865 ميلادية حين تنازع أبناء الإمام فيصل بن تركي الحكم ليجد عاملهم على حائل ابن رشيد الفرصة مواتية للاستيلاء على الحكم.
ويطمئن السعوديون أكثر لوجود الأمير سلمان بن عبدالعزيز في الحكم لكن أيضا تؤرقهم أخبار صحته والإشاعات التي تملأ البلد حولها. وأيضا عدم ظهوره للحديث أمام الشعب رغم تكرار المناسبات ومعرفتهم بأنه فصيح ومتحدث جيد ويمكنه إرسال رسائل التطمين التي يحتاجونها.
وقالت الصحيفة في التحليل الذي ابرت له مساحة في صفحتها الاولى عبر نشر صورة للملك عبد الله “يجد السعوديون أنفسهم وسط أسئلة كبيرة كبر مساحة بلادهم نتيجة لطبيعة المرحلة التي تمر بها المملكة. السؤال الأكبر: من سيكون وليا للعهد؟ وهل ستستمر تراتبية أبناء الملك عبدالعزيز وحيازة الابن لعوامل السن والكفاءة والخبرة، أم سيتم خرق ذلك وتصعيد أحد الأحفاد؟”.
واضافت “السؤال يكبر ليطول أعلى قمة جبل في السعودية، ولعله في حيرته يشابه حيرة الباحثين السعوديين حول أي قمم الجبال السعودية أعلى، هل هي في السودة بالقرب من أبها أو في تنومه آو في جبل مرير في النماص”.
وتحدث السعوديون عن الاطمئنان لتولي الأمير أحمد بن عبدالعزيز منصب النائب الثاني ووزارة الحكم المحلي. لكن مرض الملك عبدالله وما عرف عنه عدم شغفه بهذه التسمية التي ترتبط بفترة كان هناك صراع على هذا المنصب بعد وفاة الملك فيصل إلى أن فاز بها بدعم قوي من أشقاءه غير السديريين. ولعل عدم تولية الأمير أحمد هذا المنصب قد أثر في بقاءه في وزارة الداخلية وجعله يزهد بها.
ويبدو الأمير مقرن وقبله أمراء آخرون يتوقعهم الكثير أن يجدوا مكانا بين سلسلة الوصول إلى الموقع القوي في حال زهد وابتعاد أحمد.
لكن معلومات “العرب” تشير إلى أن مرض الملك والحديث أيضا عن صحة الأمير سلمان قد تعيد أحمد للواجهة وقد تدفعه لحمل الأسرة المالكة على توحيد صفوفها بعد أن تحمله الأسرة على التواجد بقوة كمرشح قوي.
ويعزز ذلك أن الأمير أحمد توجه لمستشفى الحرس الوطني وبقي هناك يتابع ويدير المشهد مما يوحي بأنه لا يزال يمسك بتلابيب الوضع مع أخيه سلمان، وإن ابتعد أحمد كعادته ستجد الأسرة أن عليها سلوك الطريق الصعب وهو الدخول في مفاضلة ظلت تبتعد عنها منذ زمن طويل.
وتساءلت الصحيفة اللندنية التي اعادت خطابها منذ اشهر بحلة جديدة وبهيئة تحرير جديدة عبر 24 صفحة “أي الشخصيات أفضل: خالد الفيصل، محمد بن نايف، محمد بن فهد، متعب بن عبدالله، خالد بن سلطان؟”.
هذه المفاضلة تحتاج إلى عوامل مهمة وهي أن يكون المرشح مقبولا ضمن أغلبية الأسرة أو ما يسمى بديمقراطية آل سعود الخاصة بهم. والعامل الثاني هو أن يكون مقبولا وسط رجال الدين والمؤسسة الدينية التقليدية خاصة وبتأييد من عائلات مهمة دينية كآل الشيخ. والعامل الثالث أن يكون مقبولا دوليا ولا يهدد اختياره استقرار البلاد والمنطقة. بمعنى أدق لا يحمل المرشح منهجا عدائيا للأشقاء ولا للغرب. والعامل الأخير هو أن لا يكون في سلوكه ما يعترض عليه شعبيا، وأن لا تكون حاشيته ذات سمعة سيئة كما أطاح بذلك الملك سعود، أو استعمل ضده من قبل منافسيه.
ولا يتوقف الوضع داخل الأٍسرة المالكة السعودية على قلق وفضول السعوديين بل يتعداه إلى اهتمام الأشقاء في الخليج العربي حيث يؤثر الوضع السعودي عليهم. فهم في تحالف قوي مع السعودية التي تعتبر لديهم كنانة الخليج والعمق الاستراتيجي لذا يبدو الاهتمام ملحوظا بل ويعتبر من شؤونهم المباشرة.
ويرتبط أساس الترقب الخليجي بالموقف من إيران التي عملت خلال السنوات الماضية على العبث باستقرار المنطقة بشكل مباشر، مثل التدخل في البحرين والعراق واليمن وسوريا ولبنان وغزة، أو غير المباشر كما هو الحال في الاستثمار والترويج لحركات سياسية على رأسها تيار الإخوان المسلمين.
وبالنسبة لتأثير الوضع داخل الأسرة المالكة على المنطقة ككل يبدو أن انشغال السعوديون بترتيب بيتهم الداخلي سينعكس سلبا على القضية السورية ولبنان ودول أخرى تنتظر من السعودية الدعم السياسي والمالي.
ومن المهم لدول متحالفة مع السعودية كاليمن والأردن والمغرب معرفة طبيعة توجهات الحاكم المقبل وهل سيظل على نهج سياسة الدعم اللامحدود لهم أم سيكون منكفئا على ذاته المحلية. كما تنتظر مصر من القيادة السعودية الوقوف معها في محنتها الاقتصادية الكبيرة وعدم تأخير الاستحقاقات التي وعدها بها الملك عبدالله وقد يؤثر المماطلة بها على الوضع الداخلي فيها كثيرا.