قوة «حماس» باتت أكثر ضعفاً… لكنها لم تتفكك!
أطلقت “حماس” نحو ألف صاروخ على إسرائيل، وتشمل ترسانتها صواريخ مصنوعة في إيران والصين فضلاً عن صواريخ “قسام” المنزلية الصنع. تقول إسرائيل إنها دمرت معظم تلك الترسانة، لكن مادام تدفق الإمدادات الجديدة مستمراً عبر مصر، لن تتفكك قوة “حماس“.
كانت ترسانة “حماس” في قطاع غزة تتعرض لقصف مستمر في الفترة الأخيرة. طوال ستة أيام، قصفت القوات الجوية الإسرائيلية (التي تعتبر نفسها الأفضل في العالم) مواقع متعددة في تلك المنطقة حتى إعلان سريان مفعول وقف إطلاق النار. بالتالي، من المدهش أن تحتفظ الحركة بأي صاروخ تستطيع إطلاقه على إسرائيل. لكن في عسقلان ومدن إسرائيلية أخرى بالقرب من القطاع الساحلي الذي يحكمه الإسلاميون، انطلقت صفارات الإنذار في مناسبات كثيرة قبل إعلان وقف إطلاق النار.
يبدو أن القوة العسكرية التي تتمتع بها “حماس” ضعفت بعض الشيء ولكنها لم تتفكك بالكامل. ويبدو أن بعض مواقع الصواريخ كانت سرية جداً لدرجة أن القوات الجوية الإسرائيلية لم تتمكن من تدميرها. أعلنت الحكومة الإسرائيلية إطلاق ألف صاروخ تقريباً من غزة منذ يوم الأربعاء الماضي. ثم قالت القوات الجوية إنها دمرت أعداداً إضافية ميدانياً لكن بقيت بعض قاذفات الصواريخ (الموجودة تحت الأرض على الأرجح) ناشطة حتى يوم الثلاثاء.
لا شك أن هذه المعطيات هي الطريقة الوحيدة لتقييم حجم الترسانة التي تملكها “حماس” وأنواع الصواريخ ونوعية المخابئ. يتفاخر المتطرفون الفلسطينيون بإمكاناتهم العسكرية، وقد رافقوا الصحافيين في السابق في جولات إلى مصانعهم حيث يبني الشبان صواريخ “قسام”. لكن لأسباب تكتيكية، تريد “حماس” أن تمنع إسرائيل وبقية دول العالم من معرفة عدد الصواريخ التي يمكن أن تطلقها على تل أبيب والقدس.
أسلحة من إيران والصين
يمكن أن نكتفي بتوقع حجم الإمكانات العسكرية التي تملكها “حماس” والمتطرفون الآخرون في غزة في هذه المعركة غير المتكافئة ضد إسرائيل. تظن بعض المصادر الإسرائيلية أن الترسانة كانت مجهزة بشكل جيد مع المصنوعات المحلية والخارجية في بداية الصراع الراهن.
يُقال إن الإسلاميين يملكون نحو 100 صاروخ إيراني من طراز “فجر 5″، فضلاً عن قاذفات الصواريخ. يبلغ طول صاروخ “فجر 5” حوالي 6.5 أو 7 أمتار ويزن الرأس الحربي فيه أكثر من 175 كيلوغراماً. يمكن أن يصل مداه حتى 75 كيلومتراً، ما يجعل تل أبيب والقدس ضمن نطاق الاستهداف.
كذلك، يُقال إن ترسانتها تشمل صواريخ WS-1E الصينية. يبلغ مداها 40 كيلومتراً تقريباً.
من المعروف أيضاً أن “حماس” تملك مئات الصواريخ من طراز “غراد” بأنواع مختلفة. يمكن تزويدها برؤوس حربية متنوعة ويتراوح مداها بين 20 و40 كيلومتراً. يُقال إن صواريخ “غراد” آتية من إيران أيضاً.
بالإضافة إلى الأسلحة المستوردة، تملك “حماس” آلاف الصواريخ التي يتم إنتاجها في غزة. يتراوح نطاق مدافع الهاون وصواريخ “قسام” البدائية التي تُصنَع من الأسمدة والمتفجرات ويتم تهريبها إلى غزة بين 10 و15 كيلومتراً. يُقال إن المهندسين الإيرانيين كانوا يقدمون التوصيات إلى صانعي الأسلحة خلال فترة معينة، ويتم الآن صنع نماذج أفضل يكون نطاقها أوسع.
توسعت مخازن الأسلحة بفضل رجل واحد: القائد العسكري في “حماس” أحمد الجعبري. كان مقتله نتيجة هجوم صاروخي إسرائيلي يوم الأربعاء قبل الماضي السبب في إطلاق الصراع الراهن. كان الجعبري يعلم كيفية استغلال الوضع السياسي المتبدّل في الشرق الأوسط. بعد وصول جماعة “الإخوان المسلمين” (المنظمة الأم لحركة “حماس”) إلى السلطة غداة الربيع العربي، أصبح المسار المعدّ لتسليم الأسلحة الثقيلة إلى غزة واضحاً.
يقول المراقبون إن صواريخ “فجر 5” كانت تُهرَّب إلى غزة خلال الأشهر الثمانية عشرة الماضية وكانت تتدفق من إيران إلى السودان وتقودها شاحنات عبر الصحراء المصرية وصولاً إلى الحدود مع غزة. من المستبعد أن يحصل ذلك من دون علم بعض المسؤولين المصريين وموافقتهم الضمنية. تقع القاذفات على مسافة طولها أكثر من عشرة أمتار ويزن نظام الأسلحة 1.5 طن. حين تصل الصواريخ والقاذفات إلى الحدود، يتم تفكيكها وإدخالها إلى غزة عبر الأنفاق وفق بعض الادعاءات. وردت تقارير أخرى مفادها أن أسلحة من ترسانة الدكتاتور الليبي السابق معمر القذافي وصلت إلى قطاع غزة بعد سرقتها.
الاعتداءات الإسرائيلية ضد تهريب الأسلحة
حاولت إسرائيل منع تجميع الأسلحة قبل حملتها الراهنة. في نهاية شهر أكتوبر، وقعت غارة جوية غامضة على مصنع أسلحة في السودان، ويُقال إن إسرائيل نفذت تلك العملية. قبل ذلك، في أبريل 2011، أدت غارة جوية إلى قتل رجل فلسطيني في السودان. يُقال إنه كان خلف محمود المبحوح الذي كان يزود “حماس” بالأسلحة، وقد قُتل على يد الموساد في دبي في بداية عام 2010.
في مارس 2011، قيل أيضاً إن إسرائيل هاجمت موكباً محمّلاً بالأسلحة في السودان. كذلك، شنت القوات الجوية الإسرائيلية حملات قصف متكررة ضد الأنفاق التي تُستعمل لتهريب السلع والأسلحة إلى غزة. فضلاً عن ذلك، تعرضت مواقع إطلاق الصواريخ لاعتداءات متكررة في الأشهر الأخيرة. لكن استهدفت الاعتداءات الإسرائيلية أيضاً الأشخاص الذين كانوا يوفرون الصواريخ ويطلقونها. كان الجعبري أبرز متخصص بالأسلحة في حركة “حماس”. لكن في الأشهر السابقة، قتلت إسرائيل عشرات الرجال لأنها اشتبهت في أنهم ينتمون إلى الميليشيا التي تطلق الصواريخ.
لا شك أن الإمكانات العسكرية التي تملكها “حماس” تراجعت بشكل كبير. لكن لم تساهم الاعتداءات في انهيار قوة الحركة بالكامل. مادام طريق الإمدادات بين إيران والسودان ومصر بقي مفتوحاً، فستُعاد تعبئة ترسانة الإسلاميين قريباً.
لكن سيصعب إقناع القاهرة بوقف عمليات تهريب الأسلحة عبر أراضيها. سيتطلب هذا الأمر مفاوضات مطولة وشاملة. سيطالب الفلسطينيون ومصر بأن تقدم إسرائيل والولايات المتحدة التنازلات. يبدو أن وقف إطلاق النار بين إسرائيل و”حماس” هو بداية الأحداث المرتقبة