مظاهرات؟ .. أم دعايات إنتخابية ؟!
لو سألت أيّ10 أشخاص في أيّ من المليونيات التي تملأ ساحات وميادين مصر هذه الأيام ـ على ماذا جئتم للتظاهر؟ لن تجد شخصين متفقين في إجابة .. !!
رغم أنّنا تعلـَّمنا أن المظاهرة في اللغة هي من مادة (ظَ. هـَ. رَ) والمعنى العام والواسع هو في (البروز بعد خفاء) والبروز هو خلاف البطون والخفاء و ( المظاهرة) تعني في الإطار الأوسع : التَجَمُّع من الناس المجتمِع على إظهار رأيٍ، أو عاطفة .
فأين هذه المعاني مما نراه في ما يسمونه في هذه الأيام بـ “تظاهرات” مليونية؟ لنرى .. و نوضح من خلال الأمثلة : ـ الذين دعوا للتظاهر ضدّ إعلان الرئيس مرسي الدستوري .. لم يكن شعارهم الذي دعوا الشعب لأجله سوى (الشعب يريد اسقاط الإعلان)، وعندما تم لهم الحشد ؛ قادوا المتظاهرين ـ وللأسف ـ إلى شعار (الشعب يريد إسقاط النظام).. و راحوا يجترون دون خجل هتافات ثورة 25 يناير ( ارحل. ارحل. ارحل) !! ولا أدري لمَن يقول هؤلاء “ارحل”؟!
ـ هل يقولونها حقاً للرئيس الدكتور محمد مرسي الذي جاء بإرادةٍ شعبية نزيهة، بعد ثورة عبقرية عظيمة ؟! والذين دعوا لتأييد اعلان الرئيس محمد مرسي الدستوري .. ما أن وصلت حشود الجماهير المليونية حقاً إلى عشرات الميادين في أكبر المدن المصرية حتى فوجئت بالشعار الرئيسي على واجهة ـ وفي كل جنبات الميادين ـ يقول : ( الشرعية و الشريعة) !!
و مع الشعارات الثورية كانت الشعارات السلفية : (الشعب يريد تطبيق شرع الله) ! وبقينا ننظر حوالينا ونتصنت لشعار (الشعب يريد تأييد الإعلان) دون جدوى .. ! القضيّة: ليست في الإعلان الدستوري الذي يصنع من الرئيس دكتاتوراً.. بل ؛ نقول: أين ـ أصلاً ـ الديكتاتور ؟!
هل الحاكم الذي أعطاه الشعب، والدستور حق التشريع ؛ هل عندما يمارس حقه في اصدار قرارات استثنائية لمدة أسبوع أو اثنين أو شهر أو شهرين؛ فإنه يكون بذلك قد أصبح ديكتاتوراً ؟! هل هناك ديكتاتور يحدّد ديكتاتوريته بأسبوعين؟! أيّ هراء هذا وأيّ تلكيك؟! لك الله يا دكتور مرسي .. !
لك الله وأنت بين المطرقة والسندان .. ! فالسلفيون، ومعهم و تيارات الإسلام السياسي المتشددة، يريدون جميعاً تطبيق شرع الله بفهمهم ـ هُم ـ دون اعتبار لفهم غيرهم !. و الفلول، و خصوم الرئيس و المنهزمون أمامه في الإنتخابات الرئاسية النزيهة، و الحاقدون على الاخوان والمرتعبون من السلفيين، وأهل المصالح والأحزاب المتطلعة إلى السلطة ؛ كل هؤلاء يريدون للبلاد، وأجهزتها دائما ( فك وتركيب) .. !!
فك وتركيب .. فك وتركيب مرة بعد مرة لعل يأتي تركيبٌ يرضيهم، ويحقق مطامعهم !. القضيّة يا سادة : أنّ كل هؤلاء يعلمون أن ” شعار الشعب يريد ” الذي يرفعه شريحة أو غيرها من الشرائح أو الفئات أو التيارات الفكرية والدينية ؛ هذا الشعار قد سقط تماماً مع نجاح ثورة يناير في إقرار الديمقراطية، و تفعيل آليتها التي هي صناديق الانتخابات التي جاءت ـ فيما جاءت ـ برئيس شرعيّ للبلاد من خلال انتخاباتٍ حرة نزيهة. الآن الآن .. فإنّه عندما يريد الشعب .. فإن هذه الإر ادة ـ يا سادة ـ لا تتحقق من خلال شعار، بل من خلال صندوق؛ صندوق حرّ،ّ نزيهٍ، شفافٍ، محايد. إنَّ الحشود التي تشهدها ميادين مصر هذه الأيام ـ في حقيقتها ـ ليست إلا مؤتمرات دعائية لكل الإستحقاقات الإنتخابية القادمة .. و منها استفتاء الشعب على الدستور، و انتخابات مجلس الشعب القادم، المترتب على إقرار الشعب للدستور !!
هذا باعتبار الوطنيين، المُخلـَصين، المُخلِصين. أما فلول النظام الفاسد البائد .. والساعون لإسقاط إرادة الشعب في اختيار مَن يمثله، ويحترم ارادته، و يحقق رغباته.. والحاقدون على مصر؛ كي لا تنهض لتتقدم ركب الإنسانية والحضارة فليس لكل هؤلاء سوى المزابل؛ المزابل التي لم يُنجز الرئيس مرسي وعده بعد ـ بالتخلص منها. ***