حزن وبكاء في افتتاح ‘القاهرة السينمائي’ بسبب وضع مصر والفن فيها!
افتتحت الدورة الخامسة والثلاثين لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي الاربعاء بدار الأوبرا بمشاهد ثورية تتضامن مع المعتصمين في ميدان التحرير (الذي يفصله نهر النيل عن دار الأوبرا) على إعلان دستوري مثير للجدل يوسع من سلطات الرئيس محمد مرسي.
ووسط حضور عدد كبير من السينمائيين المصريين والعرب، في أول دورة للمهرجان تقام بعد ثورة 25 يناير، رفع الستار وعرضت مشاهد من أفلام مصرية تناهض الدكتاتورية وتنشد العدل ومنها (ناصر 56) والممثل أحمد زكي يقول من فوق منبر الجامع الأزهر “سنجاهد وسنكافح وسننتصر بإذن الله” ومشهد من فيلم (شيء من الخوف) تعترض فيه الحشود على زواج فتاة من طاغية وتهتف “باطل” وهي كلمة كتبت في ملصقات انتشرت بميدان التحرير مصحوبة بصورة لبطلة الفيلم الممثلة شادية وبجوارها كلتا (دستوركم بااااطل)، ومشهد “إذن هي الحرب” من فيلم “الناصر صلاح الدين”، ومشهد اقتحام السجون من فيلم “هيّ فوضى”.
وكتب على الشاشة أن المهرجان “تحية لنضال الشعب المصري من أجل الديمقراطية” ثم صعد مقدم الحفل الممثل عمرو يوسف قائلاً إن المهرجان مهدى “لشهداء الحرية.. هتافات الحرية خارج هذه الجدران تكاد تصل إلينا” في إشارة إلى ميدان التحرير بوسط القاهرة وكان بؤرة الاحتجاجات الشعبية الحاشدة التي انطلقت في 25 يناير كانون الثاني 2011 وأنهت حكم الرئيس السابق حسني مبارك بعد 18 يوما.
وحضر الحفل عدد كبير من النجوم الكبار وغاب نجوم الصف الاول من الشباب، حيث حرصن الفنانات على ارتداء الملابس السوداء منهن الفنانة ليلى علوي وصابرين و يسرا وإلهام شاهين وفيفي عبده ومنة شلبي.
ولم يتمالك عزت أبوعوف رئيس المهرجان نفسه من البكاء وهو يلقي كلمته وينعي شهداء الثورة لتدخل باقي الفنانات في نوبة بكاء، ووجه أبوعوف شكره لكل من شارك بالجهد والعزيمة من أجل إقامة المهرجان هذا العام، بعد أن أُلغيت دورة العام الماضي. وأنه لم يكن يتوقع أن يخرج المهرجان للنور في ظل التحديات التي تواجهه.
وقال أبوعوف “نهدي الدورة لمن فقدوا حياتهم من أجل حياتنا، كما نهديها لكل نجوم السينما المصرية الذين رحلوا بأجسادهم وتركوا لنا أعمالًا تؤكد أن السينما هي الحياة”، ثم قام مقدما الحفل عمرو يوسف وحورية فرغلي بتقديم أعضاء لجان تحكيم المسابقات الدولية والعربية، ومسابقة أفلام حقوق الإنسان.
وقال عمرو يوسف بعد الوقوف دقيقة حدادًا على أرواح “شهداء الحرية”: “ترددت مطالب بإلغاء المهرجان هذا العام، لكننا صممنا على إقامته حفاظًا على ما حققناه من إرث ثقافي”.
وتم عرض فيلم الافتتاح “الشتا اللي فات” للمخرج إبراهيم البطوط. ويستعرض جوانب من تعامل جهاز الأمن المصري مع المواطنين في السنوات الأخيرة لمبارك وخلال الاحتجاجات التي أدت إلى خلعه.
ويستمر المهرجان عشرة أيام يشارك فيه 175 فيلماً من 64 دولة ويتنافس 20 فيلماً من 19 دولة في مسابقته الدولية أما المسابقة العربية فتتنافس فيها أفلام تمثل كلا من الجزائر والمغرب والأردن والكويت ولبنان وفلسطين وتونس والإمارات وعمان ومصر.
ولكن وائل عمر أحد مخرجي الفيلم المصري (البحث عن النفط والرمال) أعلن سحب الفيلم من المسابقة العربية اعتراضاً على العنف الذي قال إنه “يمارس ضد المحتجين على الإعلان”.
وقال في بيان “أرفض المشاركة في مهرجان سينمائي يتبع وزارة الثقافة بينما تقوم الحكومة المصرية بسحل شعبها في الشوارع لاعتراضه على اعلان دستوري يمنح الرئيس المصري صلاحيات مطلقة وغير مسبوقة في أي دولة ديمقراطية… (الإعلان) يكرس للدكتاتورية”.
وقال المهرجان إنه سيخصص قسماً عنوانه (الثورات العربية في السينما) ويضم خمسة أفلام من فرنسا والجزائر ومصر التي يمثلها ثلاثة أفلام هي (الثورة.. خبر) إخراج بسام مرتضى و(الطريق إلى ميدان التحرير) إخراج عمرو حسين عبد الغني و(عيون الحرية.. شارع الموت) إخراج أحمد صلاح سوني ورمضان صلاح ويتناول الاشتباكات التي وقعت بداية من يوم 19 نوفمبر تشرين الثاني 2011 واستمرت بضعة أيام وأسفرت عن سقوط نحو 40 قتيلا وأكثر من ألفي جريح.
أما الفيلم الرابع في هذا القسم فهو (صباح الخير يا مصر) إخراج الجزائرية سهيلة باتو التي صورت جوانب من أحداث الثورة التونسية ثم جاءت إلى مصر بعد اندلاع الاحتجاجات يوم 25 يناير كانون الثاني 2011 والتي أدت إلى خلع الرئيس السابق حسني مبارك بعد 18 يوما.
وتأجل المهرجان العام الماضي ضمن أنشطة ثقافية وفنية أخرى بسبب اضطراب أمني ساد البلاد عقب خلع مبارك.
وقال المهرجان في البيان إن الفيلم الخامس في قسم أفلام الربيع العربي هو الفرنسي (البحرين غارقة في بلد ممنوع) إخراج ستيفاني لاموريه ويتناول “قصة الشعب البحريني الذي يتطلع إلى نفس ما أراده الشعب المصري والتونسي والسوري لكن العالم مقتنع بأنه لا شئ خطأ في البحرين ومع وجود هذا الاقتناع خرج الجميع في البحرين.. الرجال والنساء إلى الشوارع منذ عام مضى وخاطروا بحياتهم بحثا عن الحرية والديموقراطية”.
ويخصص المهرجان قسما عنوانه (خمسون عاما على استقلال الجزائر) يعرض الفيلم الوثائقي (سينمائيو الحرية) إخراج سعيد مهراوي ويتناول خلال 70 دقيقة دور السينما في تحرير الجزائر من خلال تسليط الضوء على المخرجين الجزائريين والأجانب الذين شاركوا بأفلامهم في الثورة ومن أبرزهم أحمد راشدي وجمال شاندرلي ومحمد الاخضر حامينا الحاصل على السعفة الذهبية لمهرجان كان عام 1975 عن فيلم (وقائع سنوات الجمر).
وقال البيان إن فيلم (سينمائيو الحرية) يستعرض أيضا قصة إنتاج “أول عمل وثائقي مصور حول حرب التحرير للمخرج الفرنسي رونيه فوتي الذي التحق بصفوف جهة التحرير الوطنية (الجزائرية)” وأخرج فيلمه (الجزائر تحترق).
كما يحتفي المهرجان بالسينما الإفريقية التي تشارك بتسعة أفلام تعبر عن تيارات فنية مختلفة من كينيا ونيجيريا وأوغندا وتشاد وتنزانيا ورواندا وجنوب افريقيا.
ويعرض المهرجان ستة أفلام تركية حديثة إضافة إلى تنظيم ندوة عنوانها “الدراما التركية وتأثيرها على المشاهد العربي”.